الرياضة هي جزء من تكوين الإنسان. اكتشف الإنسان منذ القدم أن في السباحة والركض والتعرّق صحة وإعادة تجديد للدماء. لم تكن الرياضة يوما خاصة بالذكور. بل الرياضة إنسانية وبشرية. والمرأة في كثير من الأحيان أحوج إلى الرياضة من الذكر في بعض الحالات، مثل حالات “الحمل” وهي عادة تعرفها الجدات. فالرياضة جزء من الحركة، والحركها كلها خير وبركة كما يقول المثل الشعبي أيضا. التحديد للرياضة على أنها من خصائص الذكور بدعة جديدة، ذلك أن لدينا حتى في موروثنا الإسلامي شواهد على وجود مسابقات العدو، كما في الحديث أن الرسول عليه السلام سابق عائشة. وكن يركبن الدواب، ويقطعن أشواطا من المشي والبيع والشراء وإدارة المصالح في الأسواق.
أحد الدعاة الفضلاء قدح في المرأة التي تعتني بالرياضة، وقدحه يشمل – كما يبدو- المرأة التي تتابع المباريات الرياضية، والتي تمارس الرياضة في بيتها أو بين أولادها أو مع زوجها. بمعنى أنه لا يقدر حتى المرأة التي تعوم في مسبح منزلي مع زوجها أو عائلتها لتخفيف جسمها أو صقله، أو تقويته. يريد البعض للمرأة أن تبقى خاملة كسولة تجر أذيال الشحوم واللحوم، يضع بينها وبين الرياضة آلاف الأسوار، ثم حين يراها وقد ضعفت، وهشّت عظامها، وتعبت أطرافها بدأ يشاهد المسلسلات والأفلام والكليبات ويتحسّر على “استعجاله في الزواج”!
الرياضة جزء من تكوين الجسد. إذا لم نتحرك نأسن ونمرض. والرياضة سنة بشرية، وليست خاصة بالذكور فقط. وأتمنى من إخواننا الدعاة أن لا يشغبوا على المرأة، ولا أن يتدخلوا بكل شؤونها وكأنهم الحراس على الفضائل، عليهم أن يلتفتوا إلى شؤونهم وتخصصاتهم. أما أن يرهبوا الفتيات من الرياضة فهذه كارثة.
لنسأل أنفسنا عن سبب تفشي هشاشة العظام بين الفتيات؟! السبب واضح، عدم منحهن حق ممارسة الرياضة، وتغطيتهن عن الشمس، وعدم استقبالهن لفيتامينات ضرورية تشعها الشمس، كما تقول الخبيرة الغذائية الدكتورة نجاة الشذر.
قال أبو عبدالله غفر الله له: لنخفف من وطأة ألفاظنا الجارحة تجاه المرأة، والتي تحطم حياتها، كلنا آباء لفتيات وإخوة لهن، نعلم ما يصلح لهن وما لا يصلح، ومن لديه قوانين أرادها على نساء بيته، فلا يلزم الآخرين بها، لأن هذا فيه حيف وتعسف، ومعارضة لطبيعة البشر التي سنّ قانونها وناموسها الله تعالى. فأهلا بالرياضة للجميع، فهي صحة وراحة وطمأنينة.