يظل التحالف الإماراتي السعودي يغيظ البعض. تداول المغردون صورةً قبل أيام تضم كلاً من الشيخ محمد بن زايد والملك عبدالله الثاني والأمير بندر بن سلطان بسيارة واحدة. انتشرت الصورة انتشار النار في الهشيم. هذا التعبير البليغ عن التقارب بين البلدين يضع فتحاً جديداً في مجال التعاون الخليجي. ثمة مشتركات على مستويات الهوية والثقافة والقبيلة تجمع بين نسيج المجتمع الإماراتي والمجتمع السعودي. استوعب الساسة في البلدين بحكمتهم هذا المشترك لتقويته والعمل على صقله والإفادة منه. وفي هذا الصيف، ثمة سياحة مشتركة بين البلدين، إذ يشتهر أهل الإمارات بزيارة مناطق الجنوب في السعودية الباردة ذات الطقس الجميل والأماكن الخلابة بجمالها وروعتها في مثل هذه الفترة من السنة، وكذلك يفعل السعوديون حين يزورون أبوظبي ودبي للسياحة والاستجمام. هذه الشراكة الكبيرة بين البلدين، توضح أن التقارب السعودي والإماراتي موحد اجتماعياً وسياسياً لمحاربة كل التحديات التي تهدد البلدين! قبل أيام دانت الإمارات خلية لـ«القاعدة»، والسعودية تقبض منذ شهر مايو الماضي على خلايا تابعة لتنظيم «داعش»، وما لم يكن التنسيق بين البلدان العربية كلها بمستوى التنسيق الإماراتي السعودي نفسه، فستظل مواجهة تلك التحديات ناقصة! ومع بدء شهر رمضان وفي كلمته للمجتمع، أكد خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أن السعودية ترفض الإرهاب بصوره وأنماطه كافة، ولن تسمح لشرذمة من الإرهابيين، اتخذوا هذا الدين لباساً يواري مصالحهم الشخصية ليرعبوا المسلمين، مشيراً إلى أن المملكة ماضية في مواجهة ومحاربة كل أشكال هذه الآفة، وقال: «رأينا أن في عالمنا اليوم بعض المخدوعين بدعوات زائفة ما أنزل الله بها من سلطان، واختلطت عليهم الأمور، فلم يفرقوا بين الإصلاح والإرهاب، ولم يدركوا أنها دعوات تهدف إلى خلخلة المجتمعات بتيارات وأحزاب غايتها زرع الفرقة بين المسلمين». الشيخ محمد بن زايد بدوره، أثناء مشاركته على رأس وفد دولة الإمارات العربية المتحدة في أعمال القمة النووية في 25 مارس 2014، قال: «إن الإرهاب بشكل عام والإرهاب النووي بشكل خاص يشكل أهم التحديات المهمة التي تواجه عالمنا اليوم، الذي يتطلب منا العمل بشكل دؤوب ومشترك للتصدي لهذا الخطر بشتى أنواعه». بمثل هذه المواجهة الصارمة لتحدي الإرهاب يكون النصر عليه. لقد أخذت فوضى المنطقة الكثير من البلدان إلى مستنقعات الإرهاب وإلى آلام التفجير والقتل وسفك الدماء، وهذا كله بسبب السير وراء شعارات براقة لم تزد المجتمعات إلا فقراً وجوعاً، شعارات مثل الحرية والديمقراطية والعدالة وسواها، دمرت البنى التحتية للمجتمعات، ذلك أن التغيير الثقافي أولى من التغيير السياسي، وكل تلك الشعارات التي تم تداولها لا تنطبق على المجتمعات من دون أرضية مناسبة، لهذا كانت السعودية والإمارات من الدول العربية الواعية بخطر تلك الانتفاضات الساذجة التي لم تجر إلا الويل والخراب والدمار. أثق في أن هذا التحالف الاستراتيجي سيتطور، ونأمل أن يكون نبراساً للتعاون بين بقية الدول العربية والإسلامية. لدينا تحديات جدية من بينها الإرهاب الذي يتوالد باستمرار ويتجدد ولديه رأسمال مادي ومعنوي، وهذه هي الكارثة. أهم نجاح يجب أن نسجله في هذه المرحلة أن ننتصر على الإرهاب في عقر داره.
جميع الحقوق محفوظة 2019