منذ عام 1946 والسعودية عضو مؤسس في اليونسكو؛ منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة، لكننا لم نكن فاعلين في هذه المنظمة التي يمكن أن تعتبر حصن الثقافة وحضن السلام في العالم، كما نحن في هذه الفترة، وبخاصة إثر الأيام الثقافية السعودية التي أقيمت الأسبوع الماضي في اليونسكو وامتدت ثلاثة أيام، والتي اعتبرها الدكتور زياد الدريس، مندوب السعودية في اليونسكو جاءت “متأخرة شيئاً قليلاً، لكن لا بأس فأجمل ما في الثقافة والفنون أنها، وإن وصلت متأخرة، إلا أنها ستجد الناس في انتظارها، وستفعل مفعولها!”.
كان جميلاً أن ترى لوحات رائعة في معرض للحرمين الشريفين، ومعرضاً فنياً تشكيلياً لفنانات وفنانين سعوديين معروضة في أروقة اليونسكو، تحظى بأعجاب الحضور، بالإضافة إلى عروض لأزياء من مناطق المملكة، وندوات ثقافية، وعروض فلكلورية، ومعرض للنخلة، يبين أنواع التمور ومكانتها عند المسملين واهتمام السعوديين بها، ومعرض للخط العربي، وآخر للتصوير الفوتوجرافي، كلها من إبداع بناتنا وأبنائنا.
لقد طاف الفرنسيون وأهل اليونسكو والجاليات العربية، والجالية السعودية في باريس بين رقصة السيف والعزاوي، ورقصة الليوا، والخبيتي، والمزمار، والينبعاوي، ورقصة الشمال بداوي، والعرضة الدوسرية، إلى العرضة السعودية، وتناول الحضور خلال ثلاثة أيام أجود الأكلات السعودية أعدها لهم الشيف السعودي المحترف، علي صبري نحاس، الذي تفنن في طهو الكبيبة، والكبسة والمرقوق، والهريس والمحلا والعصيدة، والحنيني، والمراصيع. غير أن أخطبوب العود، وموسيقار الجزيرة العربية، الفنان الكبير، عبادي الجوهر، سلب لب الحضور، بحضوره اللافت، وعزفه المنفرد، وعلاقته مع العود، التي تخاله وهو يداعبه، فيحنو عليه حيناً، ويقسو عليه حيناً، يمنحه كله، وكأنما يستخدم كل خلاياه وأحاسيسه وهو يعزف، بعشرين أصبع وبخمس أياد، وبألف وتر ووتر. كان وزير الإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، حاضراً بجمال ابتسامته التي لا تكاد تفارقه، وتواضعه الذي يرفعه ويجلله، وكبار العاملين بوزارته، وليس فيهم كلهم بما عملوه صغير، ومندوبنا الدائم النشاط في اليونسكو الدكتور زياد الدريس، الذي لم يأت بجديد، فشعلة نشاطه، تزداد ألقاً وعطاء، وحضور المبدعين السعوديين من الجنسين، الذين قالوا لليونسكو، إن لدينا الكثير مما يجب أن نقدمه للآخرين ليعرفوا عنا أكثر.
قال أبو عبدالله غفر الله له: أجمل ما في أيامنا السعودية في اليونسكو، أننا قلنا للآخر، هذا نحن، بشكل ليس فيه ملائكية، ولا شيطانية، بشر ممن خلق، لكنهم يحبون غيرهم، ويمدون أيديهم للعالم، ويسعون مع مليكهم ليعم السلام هذه الأرض.