لست من هواة النصح والإرشاد…
ولا أحبذ أن أكون وصياً على أحد، بنفس الدرجة التي لا أتمنى أن يمارس أحد فيها الوصاية عليّ!
أؤمن بأن الوظيفة الأكثر تأثيراً، في هذا المجال، هي بث الوعي في الناس بعامة، أما النصائح الانفرادية فإن أثرها سيئ في الغالب. وأحسب ان لاشيء أثقل على النفس من توجيه النصائح إليها، وسط إيحاء نفسي، يمارسه الناصح، بوعي أو بلا وعي، بأنه تجاوز إشكاليات المنصوح، ولم يعد يكابد مشقتها…
هذا ما قادني إليه فهمي اللحظة، ولا أزعم أنني انتهيت إلى حيث يجب أن يقف أحد.. معاذ الله.
وبناء عليه فهذه الزاوية هي في مجملها آراء شخصية قابلة للأخذ والقبول أو الرد والرفض، أو التوقف بين بين، كما يفعل بعض محترفي الاستعراض في السيرك، عندما يقفون على حبل دقيق، متوازنين بين اليمين واليسار والجاذبية الأرضية، بقدرة يحسدهم عليها كل من يراهم، بل ويمتد الحسد إلى التصفيق إعجاباً…
لكنني رأيت في ما مرّ عليّ من حياتي القصيرة وتجربتي المختصرة أناساً لا يجيدون شيئاً كلعبة السلم والثعبان!
هذه اللعبة، تقوم قواعدها على أنك قد تحظى بمحض الصدفة بحظ مثابر عظيم فينالك سلم طويل ترتقي فيه إلى أعلى الدرجات، وفيما أنت سادر في غيّ متعتك بما حققت، بل بما وصلت إليه، دون عناء منك، تكتشف أنك دون ان ترتكب غير سيرك بخطوات طبيعية، قد وقعت أسيراً لفك ثعبان أوقع بك في أسفل سافلين، بلا خطأ منك يستوجب السقوط، ولا زلة منك تقتضي التعثر!
إذن.. ما رفعك بلا سبب اليوم، أوقع بك بلا سبب يذكر، اليوم، أو غداً، أو حتى بعد غد!
لعبة السلم والثعبان، أيها الكرام، لا تقوم على مهارة، ولا تستند إلى حرفة!
وحتى تتقي سوءاتها اليوم وغداً، وإن غامرتك متعة معاقرة نعائمها، فاعلم ان الخروج من مغبة كهذه ليس إلا بشيء آخر…
فاركن إلى المهارات، واستند إلى الحرفية، ففيهما تستند إلى القوي الأمين، أما إن وقعت بقصد منك، أو بدون قصد، في لعبة السلم والثعبان، فاعلم أن ما رفعك ليس قوة فيك، وأن ما خفضك ليس – في تلك اللحظة – إلا محض الحظ والمزاج والهوى، وفي أساسيات هذه اللعبة، ما ذهب اليوم، عائد غداً، إن كان فيك ما يستوجب عودته!