كتبت قبل فترة ساخراً من قرار وزير القوى العاملة المصري وقف الراقصات الأجنبيات لمنافستهن زميلاتهن المواطنات المصريات، ثم عودته بعد عام عن قراره، وسماحه للراقصات الأجنبيات بالعودة إلى (الكار).
تلقيت بعد المقال جملة من رسائل إليكترونية من اخوة أعزاء جلهم من المصريين الذين أحب، كانوا ينتقدونني لأني تحدثت عن الرقص في مصر، وكأني صورت مصر كلها بدلة راقصة، أو كأن أرض الكنانة تمنع الرقص الشرقي!.
قبل أيام كنت أقرأ كتاباً غاية في الظرافة، كتبه مؤلفه بأسلوب رشيق، وصاغ عباراته بصياغة شائقة، فألفيته مع ندرته في بابه، خفيف الظل، جميل الموضوع، يرتاح به المرء من عناء الكتب الثقيلة ظلاً وظلالاً، معنى وعبارة.
عنوان الكتاب هو: «تحية كاريوكا.. بين الرقص والسياسة»، ويتحدث عن الأوراق السياسية لأشهر راقصة مصرية، وهو من وضع سليمان الحكيم، الذي طرز بمقدمة ضافية، قال فيها: (من بين جميع الفنانين المصريين – رجالا ونساءً – كانت الراقصات هن الأكثر قرباً من مضمار السياسة).
بعضهن أخذن صيغة «الفاعل».
وبعضهن أخذن صيغة «المفعول به».
وبعضهن أخذن صيغة «المضاف إليه»!
ثم يشير الحكيم إلى أن أحدا من النقاد والدارسين لم يتوقف عند هذه الظاهرة لدراستها، «ربما لارتباط الرقص في أذهان هؤلاء بالخلاعة والمجون، الذي لا يليق برصانة النقاد وجدية الدارسين، وهو ما يجب نفيه بارتباط الرقص بالسياسة، أو بالأحرى ارتباط الراقصات بالسياسيين الذين يمسكون في أياديهم بمصائر الشعوب، هل هناك أجدى بالبحث من مصائر الشعوب لدى أصحاب القرار، وما يمكن أن يؤثر فيها، حتى ولو كانت راقصة؟!».
وقبل أن أعتذر من معالي الوزير لأني لم أعِ هذا المعنى الكامن في موضوع الرقص الشرقي وارتباطه بالسياسة والسياسيين، أقول إني لم أكن أتصور أن هناك رابطة وثيقة بين الرقص والسياسة، إلا عندما سمعت ذاك الوزير (السابق) يصف ذاك الرئيس (السابق) بأنه مثل راقصة (الستربتيز)، إلا أن الفرق أن الراقصة – والعهدة على معاليه – تزداد جمالا بالخلع، وفخامته يزداد قبحاً به!
وأنهي مقالي قبل أن أصبح الكاتب (السابق) أسوة بمعاليه وفخامته!!