انتهى كأس العالم، وطار الإيطاليون بالكأس للمرة الرابعة، ولا يزال صخب ما بعد النزالات الكروية متواصلاً، مفرزاً سؤال المليون دولار الذي يتردد على كل شفاه، وبجميع لغات العالم: ما الذي قاله اللاعب الإيطالي ماتيرازي للنجم الفرنسي زين الدين زيدان، واستدعى أن ينطح الثاني الأول برأسه، ويخرج مطروداً بالبطاقة الحمراء، ثم يخرج فريقه خاسراً؟! لم تبقَ إجابة لم تقلْ، وأخذت اجتهادات وسائل الإعلام كل مأخذ، وكثر حاطبو الليل في عالم التفسيرات، ولم يتبق لنا إلا أن ندلي نحن العرب بدلونا -وفقاً لثقافتنا- في الموضوع، فننتظر أن يخرج علينا أحد المناميين، والمناميون هم الذين يخضعون مسارات حياتهم للمنامات، والأحلام، لا سيما في ظل انتشار تجارة تفسير الأحلام. صحيفة إيطالية قالت الثلاثاء الماضي إن ماتيرازي لا يتمتع بسمعة جيدة في إيطاليا كما أنه لا يتمتع بقدر كبير من المعرفة الثقافية، إذ أنه أوقف قبل عامين ثماني مباريات لتوجيهه لكمة إلى تشيريللو لاعب نادي سيينا في النفق المؤدي لغرف تغيير الملابس بعد مباراة في الدوري المحلي. وقال لاعب المنتخب البولندي السابق زبيغنيو بونياك لاعب يوفنتوس الإيطالي سابقاً والمعلق بالتلفزيون الإيطالي، إن “ماتيرازي اختصاصي استفزاز”، متوقعاً أن يكون ماتيرازي قال لزيدان “كلمات بذيئة عن زوجته أو والدته أو خلفيته العرقية”. في حين اعتبرت صحيفة “الغارديان” أن اللاعب الإيطالي دعا زيدان بلفظ “إرهابي”. قال ماتيرازي، وكانت طفلته الصغيرة ذات العشرة أشهر تجلس إلى جانبه: “إنني جاهل… فأنا لا أعرف حتى ما تعنيه هذه الكلمة. والإرهابي الوحيد الذي أعرفه يجلس الآن بجواري”، مشيراً إلى ابنته. ويبدو أن ماتيرازي لجأ إلى أخف الضررين، فاختار الاعتراف بأنه جاهل، على أن يكون عنصرياً! ماتيرازي كان شفافاً، واعترف بإهانة زيدان فقال: “سببته لأنه متعجرف وغير مؤدب”. ومن إفرازات النطحة الزيدانية وما تبعها من تحليلات أن شبكة تلفزيونية برازيلية عينت فريقاً من الصم لمحاولة قراءة شفتي ماتيرازي كما تقول “الشرق الأوسط”، وخرج هؤلاء بنتيجة أن اللاعب الإيطالي ربما يكون قد نعت ليلى شقيقة زيدان بلفظ “عاهرة”. وهذه النظرية، أكدتها صحيفة “كورييري ديللا سيرا” الإيطالية التي ادعت أن ماتيرازي اعترف لزملائه في المنتخب الإيطالي بأنه أهان شقيقة زيدان. النجم ذو الأصول الجزائرية زين الدين زيدان الذي ساهم بشكل كبير ومن خلال تألقه وقيادته لمنتخب فرنسا للوصول إلى النهائي، حقق الكثير من السلم الاجتماعي في فرنسا، بالنظر إلى أن نجوميته وإبداعه، هما ما خففا من احتجاجات الأقليات العرقية الفرنسية. وتحول اللاعب البارز إلى بطل قومي، إلى حد مطالبة البعض بتسمية شارع “الشانزيليزيه” أشهر شوارع باريس باسم زين الدين زيدان، ولو أن النجم الكروي الفرنسي لم يختر هذه النهاية الشكسبيرية المأساوية لنجوميته الكروية من خلال رضوخه لاستفزاز اللاعب الإيطالي، لربما تحققت هذه المطالب، وربما أصبح اسم الشانزيليزيه الشانزيدان! زيدان اختطف بنطحته اهتمام الجماهير، فالناس لا تتحدث عن فوز إيطاليا، بل عن نطحته وما يمكن أن يكون استفزه ليخربها في آخر المطاف!
جميع الحقوق محفوظة 2019