لا يمكن تصنيف أميركا وصفاً أكثر دقة من كونها بلاد العجائب. فهي تأتيك بالأنباء- على الدوام- من حيث لا تحتسب!
آخر هذه الأنباء الأميركية جاء من البنتاغون، وزارة الدفاع الأميركية، حيث التجمع الأكبر لصقور الادارة الاميركية الحالية، حيث يتم هناك بحث صناعة قنبلة كيماوية غير قاتلة، تنشر الشذوذ بين جنود العدو!
وتقول صحيفة “الشرق الاوسط” في خبر منقول عن مجلة “نيوساينتيست” العلمية إن وثائق سرية في البنتاغون كشفت أن القنبلة الكيماوية تنشر الشذوذ بين جنود العدو من الذكور انتشار النار في الهشيم بحيث تجعلهم لا يقاومون ميلهم الجنسي الى بعضهم البعض، بغية دب الوهن والهوان والذلة والصغار في نفوس الجنود الذين سيكتشفون في الصباح أنهم اقترفوا ما يخجل من أن ينظر أحدهم في وجه زميله، أو أن يسأله ثلث الثلاثة كم؟!
عندما قرأت الخبر رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي، وما في عيني من زغللة، لكنني اكتشفت أن لا مشكلة في نظري وبخاصة بعد أن فركت عيني ثلاثاً، ونفثت عن يساري ثلاثاً. عدت الى تاريخ العدد فاكتشفت أننا في يناير ولسنا في ابريل، وإلا لاعتبرتها كذبة ابريل، ولو كنا في منتصف الشهر!
مصدر الغرابة والعجابة أن الولايات المتحدة كانت حتى وقت قريب تخوض حرباً ضارية، في تشريع الزواج المثلي، باعتباره حرية شخصية، وهو ما أثار سجالاً طويلاً بين الديمقراطيين الذين يرون الزواج المثلي أمراً مندرجاً ضمن الرغبات الخاصة والحريات الشخصية التي لا يجب أن يعوقها القانون، وبين الجمهوريين الذين يرون الزواج المثلي شذوذاً يجب أن يكافح ويقف في وجهه، وفي وجه التشريع له أو تنظيمه والسماح له.
لقد كان الزواج المثلي أحد القضايا التي اختلف عليها بوش وكيري خلال سباق الانتخابات، وبعد فوز بوش، وهو ما اعتبره الجمهوريون انتصاراً لأفكار محافظة مثل رفض الزواج المثلي، أظهر استطلاع للرأي اجري في أميركا بعد أسبوع من المعركة الانتخابية أن 25 في المئة من العامة تؤيد الزواج المثلي، وأن 35 في المئة يؤيدون الزواج المدني الشرعي للمثليين، وهو الوضع الذي أيده كيري. وكان 37 في المئة يعارضون هذا النوع من الزواج، بل إن مؤيدي بوش تدافعوا الى مراكز الاقتراع إثر دافع التأثر بقضية الزواج المثلي، فهل تهدف قنبلة البنتاغون الاّ إلى جعل جنود العدو يمارسون ما يمارسه المثليون؟ أم أن الضابط هو أن الممارسة ستكون بدون تشريع لها!
وبعيداً عن الحديث في أخلاقيات تصنيع هذا النوع من الأسلحة، لأنه جزء متفرع من أخلاقيات تصنيع الأسلحة كلها، وترويجها، والكيل بثلاثمائة مكيال في بيعها، فإنني تخيلت كيف يمكن أن تكون الحياة لو نجحت تقنية هذا النوع من الأسلحة، وأصبحت غداً في أيدي القادرين مادياً، غير المردوعين أخلاقياً.
هل ستطلق الحكومات قنابل من هذا النوع على معارضيها، لتحولهم الى معارضة ناعمة الى حد الشذوذ؟!
وكيف سيقضي هذا في المستقبل على فرص تحول المعارضين الى حكوميين، ويقطع الطريق على فرص الحكومات في استمالة المعارضين سياسياً خشية أن تمتد الاستمالة من السياسة الى ما لا تحمد عقباه؟!
وقبل أن أواصل أفكاراً شاذة كهذه، رجوت الله أن يفشل المشروع برمته، قبل أن يصدق ولو عشرة في المئة من خيالاتي!
جميع الحقوق محفوظة 2019