لو أجرت شركة مختصة بقياس الرأي العام واستطلاعات الشارع، استبياناً على طلاب المدارس السعودية في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، حول الوسيلة التي تمكن شخصاً ما من الحصول على وظيفة مرموقة في المستقبل، فكيف يمكن ان نتصور الإجابة التي ستكون الغالبية قد اختارتها؟
إذا اشترطنا ان تكون الإجابات حقيقية وبعيدة عن عوالم التنظير وفضاءات المثاليات التي نتلبس بها نهاراً ونخلعها مع سبق الإصرار والترصد مع تسربل أول خيوط ظلام الليل، فلا احسب أن معظم الإجابات ستخرج عن الواسطة التي يمكن ان تتوفر لديك لتكون في مركز مرموق!
على الأرض الواسطة قد تدعمك اليوم، وغداً، وبعد غد، لكنها إن لم تستند إلى قدرات حقيقية لديك، فإن القاعدة الشهيرة ستتحقق على الأرض: إنك قد تستطيع ان تخدع الناس بعض الوقت، لكنك لا تستطيع ان تخدعهم كل الوقت!
بالأمس القريب كنت أقرأ مقالاً للزميل عبدالله المغلوث الذي كان يغطي فعاليات الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل أيام في نيويورك، وكان موضوع المقال يتناول في المقام الأول صحافياً استرالياً يعمل استاذاً جامعياً وقد جلب معه إلى مقر الأمم المتحدة مئات الرسائل كتبها طلاب في المرحلتين المتوسطة والابتدائية في استراليا ووجهوها إلى الأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفي عنان، وضمنها رسالة من طفلة في الثالثة عشرة من عمرها، تقول إن معلمتها قالت لها: كلما أردت أن تحصلي على وظيفة أفضل عليك أن تقرأي أكثر. كم كتاباً قرأت يا سيد كوفي حتى تصبح الأمين العام للأمم المتحدة؟!
انتهت الرسالة، لكن معانيها لا تنتهي بانتهاء قراءة حروفها…
كم مدرساً ومدرسة أقنعا طلابنا بأن وسيلة التطور الوظيفي هي تطوير المهارات، وزيادة القدرات؟!
لا شك ان المدرسة ركن أساسي في بناء أسس سليمة لاحترام المهنة وبناء تقاليد حقيقية لقيمة العمل. عندها فقط، لن نجد مشكلة في السعودة، ولن نصاب بإشكاليات بطالة، ولن يصبح وزير العمل عدواً لكل رجل الأعمال في بلادنا!