لكل أمّةٍ أعيادها التي تفرح بها، تجد بها مناسبةً للم الشمل واستعادة الذكريات، بعض الأعياد دينية مثل عيد الأضحى وعيد الفطر، وبعضها الآخر أعياد “لغوية” مثل أن تعود ذكرى الزواج، أو ذكرى الميلاد، أو ذكرى تأسيس شركة، المهم أن اليوم يعود ليكون فرصةً لمحاسبة النفس واستذكار الجميل الذي مر خلال تلك المرحلة. نعيش هذه الأيام جدلاً كبيراً، الهيئة تحذر من الألوان “الحمراء” وتهدد بالعقوبات الصارمة في حال قبضت على من لديه لون أحمر، حتى حكام المباريات سيستبدلون الكرت الأحمر ربما بكرت “فوشي” أو “برتقالي”!
عضو هيئة كبار العلماء الدكتور قيس بن محمد آل الشيخ مبارك قال في إجابةٍ له: “إن إجابة دعوة غير المسلمين لحضور أعيادهم مباحة إذا قصد من ورائها إدخال الفرحة عليهم وتأليف قلوبهم على الإسلام، ومسألة حضور أعياد غير المسلمين استجابة لدعوة منهم من مسائل الفقه التي يسعها الخلاف، والعلماء اختلفوا فيها فمنهم من ينهى عن حضور أعيادهم خوفا من أن يكون فيه نوع من إقرارهم والرضى بما فيها من منكرات”.
يعني أن إجابة دعوة العيد إذا كانت سترسم ملمحاً أخلاقياً جميلاً بين شخصين اختلفا ديناً من المباحات، أو على الأقل من المسائل المختلف عليها والتي يصعب أن تحسم فضلاً عن أن تكون موضع عقوبة أو تهديد. ولا أظن أن من الملامح الجميلة للمسلمين أن يرفضوا مشاركة الآخرين أعيادهم بكل فظاظة، لأن هذا ليس مما يؤلف قلوبهم ، وبخاصةٍ لدى المسلمين الذين يعيشون في الدول ذات الأغلبية المسيحية، حينما ينزوي الإنسان في غرفته كأنه ملدوغ بينما يحتفل بقية “خلق الله” وهو يظنّ أنه إن شاركهم أعيادهم فإنه سيخل بعقيدته أو إسلامه.
لستُ مقتنعاً بمعادلة “حظر أعيادهم، باعتناق عقيدتهم” العيد شيء، والعقيدة شيء آخر. على العكس، أن تحضر عيداً لغير المسلم يعني أن تؤلف قلبه، أن تشعره بإنسانيتك، بأنك واثق من إيمانك ومن قوة عقيدتك، أنك لا تهرب من مشاركة بني الإنسان في مناسباتهم لتجعل من صورة الإسلام والمسلمين صورة ناصعة تشف عن إنسانية عالية وعن مستوى رفيع من الذوق والرقي.
شيخنا الجليل وضع رؤيته التي تستحق النقاش أمامنا، وبالذات أن لدينا حوالي تسعين ألف مبتعث وإن قلنا لهم اجلسوا في غرفكم تاركين الآخرين سيرسمون صورة جافة عن الوطن أولاً وعن ديننا الإسلامي ثانياً!