يُحكى أن يعرب بن قحطان وصَّى بنيه بما أوصّاه به أبوه، فقال لهم:«يا بني احفظوا مني خصالاً عشراً تكن كذا لكم ذكراً وذخراً. يا بني تعلموا العلم واعملوا به. واتركوا الحسد عنكم ولا تلتفتوا إليه، فإنه داعية القطيعة فيما بينكم، وتجنبوا الشر وأهله، فإن الشر لا يجلب عليكم خيراً. وأنصفوا الناس من أنفسكم لينصفوكم من أنفسهم. وإياكم والكبر، فإنه يبعد قلوب الرجال عنكم. وعليكم بالتواضع، فإنه يقربكم من الناس ويحببكم إليهم. واصفحوا عن المسيء إليكم، فإن الصفح عن المسيء يجنبكم العداء ويزيد مع السؤدد سؤدداً ومع الفضل فضلاً. وآثروا الجار الدخيل على أنفسكم، فإن جماله جمالكم. ولأن يسوء حال أحدكم خير له من أن يسوء حال جاره، لأن تفقد الناس للمقتدي أكثر من تفقدهم للمقتدى به. وانصروا مواليكم، فإن مواليكم في السلم والحرب منكم ولكم. وابن مولاكم من أنفسكم، وحقه عليكم مثل حق أحدكم على سائركم. وإذا استشاركم مستشير فأشيروا عليه بمثل ما تشيرون به على أنفسكم في مثل ما استشاركم فيه، فإنها أمانة ألقاها في أعناقكم، والأمانة ما قد علمتم. وتمسكوا باصطناع الرجال أجدر أن تسودوا به عليهم، وأحرى أن يزيدكم ذلك شرفاً وفخراً إلى آخر الدهر».
وأوصى محمد الرطيان ابنه قائلاً:«بإمكانك أن تدور العالم كله دون أن تخرج من بيتك! بإمكانك أن تتعرف على الكثير من الشخصيات الفريدة دون أن تراهم! بإمكانك أن تمتلك «آلة الزمن» وتسافر إلى كل الأزمنة.. رغم أنه لا وجود لهذه الآلة الخرافيّة! بإمكانك أن تشعر بصقيع موسكو، وتشم رائحة زهور أمستردام، وروائح التوابل الهندية في بومباي، وتتجاذب أطراف الحديث مع حكيم صيني عاش في القرن الثاني قبل الميلاد! بإمكانك أن تفعل كل هذه الأشياء وأكثر، عبر شيء واحد: القراءة. الذي لا يقرأ.. لا يرى الحياة بشكل جيّد. فليكن دائماً هنالك كتاب جديد بجانب سريرك ينتظر قراءتك له(…)عليك أن تؤمن بشيء، الذين لا يؤمنون أرواحهم خاوية(…). الانتصارات تمنحك البهجة. الهزائم تمنحك الحكمة. البهجة لحظات وتنطفئ. الحكمة تضيء إلى الأبد». قال ابن عمر، لرجل:«أدب ابنك، فإنك مسؤول عن ولدك ماذا أدبته وماذا علمته؟ وإنه مسؤول عن بِرِّك وطواعيته لك». ومن وصايا لقمان لابنه:«يا بني! إني حملت الحجارة، والحديد، وكل شيء ثقيل، فلم أحمل شيئاً هو أثقل من جار السوء. يا بني! إني ذقت المر، فلم أذق شيئاً هو أمر من الفقر. يا بني! لا تُرسلْ رسولك جاهلاً، فان لم تجد حكيماً فكن رسولَ نفسك».
وأوصى سعد بن أبي وقاص ابنه، فقال:«يا بُنَيَّ! إياك والكبرَ. وليكن فيما تستعين به على تركه: علمك بالذي منه كنتَ، والذي إليه تصير. وكيف الكبر مع النطفة التي منها خُلِقْتَ، والرحم التي منها قُذِفتَ، والغذاء الذي به غُذِيت؟!».
قال العباس بن عبد المطلب لابنه عبد الله:«يا بني! إني أرى أمير المؤمنين (يعني: عمرَ بن َ الخطاب) يدنيك، ويقربك، ويختصك، ويخلو بك، ويشاورك دون ناس من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاحفظ عني ثلاثاً:
– اتقِ الله ولا تفشين له سرّاً.
– ولا يجربن عليك كذباً.
– ولا تغتابن عنده أحداً». قال عامر الشعبي: فقلت لابن عباس: يا أبا عباس! كل واحدة خير من ألف، فقال:«نعم، ومن عشرة آلاف».
وأوصى الحسن بن علي بن أبي طالب ابنه قائلاً: «يا بني! إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع، أحرصَ منك على أن تقول. وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الصمت. ولا تقطع على أحد حديثاً وإن طال حتى يمسك».
كان أنس بن مالك، يقول لبنيه: «يا بَنِيَّ! قيدوا العلم بالكتابة». قلتُ: وهو أثر متقدم جداً يحث على الثقافة المكتوبة، لا ما انتشر عن العرب من الثقافة الشفاهية. وللموضوع تتمة بحول الله.
*السفير السعودي لدى الإمارات