صادف يوم أمس اليوم العالمي للمرأة، وتأمل حال المرأة السعودية في يومها العالمي، يظهر لنا أن لديها مطالب واحتياجات هي متطلبات ضرورية تعتبرها الأمم الأخرى أبجديات، الحديث فيها مصدر للاستغراب. التدقيق في تلك المتطلبات يجعلنا نعتبر اليوم العالمي للمرأة فرصة لاستذكار حقوقها. والمشكلة لدى البعض أن مجرد ذكر المرأة يجعل صورة نمطية تقفز لذهنه، فيغرق في أوهام “تحرير المرأة”، ثم ينخرط صاحبنا في خطابات تشويه أي حديث عن حق المرأة، واعتبار ذلك تغريباً، مع أن المتحدثين ـ من الحقوقيين والكتاب والمفكرين ـ عن حقوق المرأة يعنون بها من حولهم أولا من النساء، ثم بقية المجتمع. يجب علينا أن نعترف أن لدينا نقصا في الأنظمة التي تحمي المرأة وتمنحها حقوقها، بعيداً عن القضايا التي تثير الجدل بين التيارات سواء قيادتها للسيارة أو حدود حجابها، ما أهمية هذه القضايا؟! وقفتُ بين خبرين نشرتهما الصحف، الأول خبر تعيين الدكتورة هيا بنت عبدالعزيز العواد وكيلا للشؤون التعليمية في وزارة التربية والتعليم، خلفا للدكتور محمد العمران، لتشغل ثاني أعلى منصب نسائي في وزارة التربية والتعليم، بعد نائبة الوزير. الخبر الآخر حول حضور المرأة في معرض الكتاب واستئصال شأفة حريتها في الحركة والشراء من قبل من يعتبر رأيه صواباً مطلقاً لا يحتمل الخطأ وما عليه غيره خطأ لا يحتمل الصواب!
يقول الخبر المنشور في “الوطن” أمس: “مع دخول معرض الرياض الدولي للكتاب يومه الثامن، وتزامنه مع اليوم العالمي للمرأة، اضطرت عارضة في إحدى دور النشر إلى ترك مهمتها مجبرة، بعد تعرضها طيلة الأيام السابقة إلى ما وصفته بالمضايقة المتواصلة و”التطفيش”، وقالت صاحبة دار ابن رشد نجاة ميلاد إنها واجهت ضغطا من رجال الهيئة لتغطية شعرها فاضطرت للرضوخ لطلباتهم في النهاية، إلا أن تخصيص إدارة المعرض ساعات للرجال فقط في بعض الأيام جلب إليها مطالبات أخرى بضرورة مغادرة جناحها خلال تلك الفترة، الأمر الذي قابلته بالانسحاب نهائيا وهي تتساءل: كيف يتم وضع وقت مخصص للرجال وآخر لعامة الناس؟ أليست الأسواق فيها رجال ونساء؟”.
بين هذين الخبرين نجد مشاعرنا، بين تفاؤل بخبر تعيين امرأة في منصب على مستوى من الأهمية كما هو تعيين الدكتورة العواد، وبين القهر و”التطفيش” للمرأة الذي يمارس من قبل أناس لا زالوا يظنون أنهم يعيشون في مدنٍ تصنعها خيالاتهم، فاستلذوا مطاردة الآخرين والإساءة لهم.
أيها السادة: التشدد هو حالة نفسية ذهنية قبل أن يكون حالة فكرية، يصل المتشدد إلى مستوى كبير من الريبة تجاه تصرفات الآخرين، فيحاول نصحهم منطلقاً من صفاء ذاتي متوهّم!
نأمل في هذا اليوم يوم المرأة، يوم الزوجة والبنت والأخت وقبل ذلك الأم أن يمر في السنوات القادمة وقد حصلت المرأة على متطلباتها، أو جلّها، وما ذلك على الله بعزيز!