عجائب الصينيين لا تنقضي. هذا الشعب العظيم الذي اختار رغم مليارية سكانه أن يكون هادئاً، وربما غامضاً، أو هكذا يبدو لنا من بعيد. صارت القراءة عن الشعب الصيني من متع الحياة، لأنها تفتح للإنسان كشوفاً حول شعب له تاريخ وعادات واعتقادات عجيبة. منها الجذاب ومنها المثير للغرابة، ومنها الرائع والأقل روعةً، وأحسب أن كتاب “تعرف إلى عادات الشعب الصيني” وهو من تأليف: يي أليس و برايان أليس، يفتح للقارئ والباحث مجالاً للتعرف أكثر وأكثر على الصينيين، حيث ذكر الكتاب أكثر من 103 قصص تحكي عادات الشعب الصيني وطباعه.
كان الصينيون يقولون “قبل أن تتخذ قراراً عدّ إلى خمسة”، إذا وصلت العد إلى رقم خمسة اقض ما أنت قاض، لكن عجوزاً مسنة لم تعد إلى خمسة حين قررت أن تربي 130 يتيماً وهي لا تمتلك حتى ساقين. لكنها تملك سيقان الحياة والبذل والعطاء الذي يسكنها، صارت نموذجاً فريداً للتفاني، واستطاعت أن تربي مائة وثلاثين يتيماً “زي سلام عليكم”. تمتلك هذه المرأة القوة والقدرة العظيمة على التربية والعناية بالأطفال، وقصة هذه الصينية الجبارة، خير مثال. المشكلة أن البعض روى خبر هذه المسنة الرائعة على أنه خبر “من الأخبار الطريفة” كما هو مصنف لدى بعض المواقع الإلكترونية. لكنه خبر جاد وعظيم ومدهش، ولعمري إن هذه العزائم العظيمة تجعل العاقل يصغر أمام نفسه، مهما علت همته!
“زو ييوهوا” ذات الـ 55 عاماً، تمكنت من تربية أكثر من 130 يتيما بعد أن تعلمت المشي باستخدام مقعدين!
فقدت ساقيها في سن 12 عاما عندما صدمها قطار بينما كانت تجمع الفحم بجوار السكة الحديد. كما فقدت أبويها في طفولتها وأودعت دار الأيتام في مدينة زيانغتان عندما بلغت السابعة عشرة، وهناك تعلمت ييوهوا المشي باستخدام مقعدين ومن ثم شرعت في العمل على مساعدة الأطفال الأيتام الآخرين حيث كانت تغسل ملابسهم وتغير لهم حفاظاتهم بل وتصنع لهم الأحذية!
كل الأيتام الذين ربّتهم، جميعهم ينادونها بلقب “الأم الكبيرة”.
يا لروعة هذه الأمثلة في حياتنا، فما أجمل أن نرى الإخلاص والبذل، وأن نرى العطاء في زمنٍ يصفه الناس بأنه “زمن الأنانية”، وتأمل كيف تحكي هذه العظيمة الملهمة عن نفسها “قد لا أكون إنسانة عظيمة ولكني أبذل ما في وسعي لأمنح هؤلاء الأطفال المساكين حب الأم”!
طوبى لهذه المرأة العظيمة كل هذا العطاء الإنساني النبيل!