لم أرغب يوماً في أن أسخر هذه الزاوية للحديث عن برنامجي التلفزيوني (إضاءات)… ليس لأني لا أود الحديث عنه، أو لأني أخجل من تناول شأنه، بل لأني اعتقد ان لكل مقام مقالاً، وبالذات وأنا الذي تحدثت قبل أيام في مقالي (الانسان… بوصفه سيجارة) عن الدوائر التي يعيش فيها الإنسان، وضرورة أن يفصل بين كل منها، حتى لا يختلط حابل بنابل، ولا يصبح اللبن تمراً هندياً، أو حتى تمراً سكرياً، او خلاصاً، ولو أن رمضان قد أقبل …
بالأمس القريب وتحديداً يوم السبت (1/10/2005) كتبت في هذه الزاوية، مقالاً عنوانه:(هات… أذنك)… وكانت فكرته الرئيسة قيمة الاستماع والإصغاء، في حياتنا المعاصرة، فجاءت تعليقات معظم القراء على الموقع الإلكتروني، وعبر رسائل الإيميل، لتقول لي: لا فض الله فاك، لولا أنك أول من نقض قاعدة الدعوة إلى الاستماع في برنامجك (إضاءات)، حيث لا تستمع إلى أحد، وتباغت ضيوفك بأسئلة قبل أن يتموا إجاباتهم!
حسناً، أعتذر لأني الآن اذهب في اتجاه قررت أن لا أعاقره، فأقول والله المستعان، وعليه الاتكال: إن برنامج إضاءات في فكرته الأصلية برنامج يقوم على الحوار المشابه للعبة تنس الطاولة.
هل تعلمون يا قوم ما هي تنس الطاولة؟
إنها لعبة تتكون في الغالب من لاعبين وطاولة صغيرة يقطعها من المنتصف شبكة خضراء فاقع لونها، ويقع على طرفيها لاعبان، كل لاعب في طرف يقابل الآخر، ثم يتقاذفان كرة صغيرة، عبر مضرب يمسك به كل لاعب.
عادة ما تستغرق الكرة في ملعب كل لاعب بضع ثوان أو أقل، وكلما عاجل اللاعب الكرة في وقت أسرع، تمكن من اللعبة أكثر.
هناك ألعاب كثيرة لا تحتاج الكرة فيها إلى ذات سرعة تنس الطاولة أو لعبة (البينغ بونغ)، مثل كرة القدم، وبالذات إذا كان الفريق يستند في أدائه إلى الطريقة الأوروبية التي تعتمد الكرات الطويلة، وليس الجمل الكروية القصيرة كما هو المنهج البرازيلي في اللعب.
(إضاءات) ايها السيدات والسادة، ليس برنامجاً وثائقياً، ولا روائياً، ولا يتعاطى مع التجارب على صعيد استلهام الخبرات، وما كان هذه صفته، فإن حقه ان تكون الاجوبة والاسئلة مباغتة سريعة.
لو أرهفت سمعي واصبحت سِمّيعاً في إضاءات، لما شاهده إلا ثلة قليلة نصفهم من أخلائي واهل بيتي، وهؤلاء سيرونه لأني سأسألهم عن رأيهم في البرنامج فقط، وهذا لا يسرني، ولا يسر إدارة القناة، ولا يسر المعلن، ولا راعي البرنامج، ولا يسر كثيرين… وما أصدق أبي الطيب عندما قال:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا
مضرٌ كوضع السيف في موضع الندى