عبدالعزيز علي النصافي
في ليلة من ليالي نجد الفاتنة، وعلى أنغام أغنية محمد عبده الشجية (صوتك يناديني..) الأغنية التي تحمل عواصف الشوق، والذكريات، والحب، والحنين، وتعيدني دون أن أشعر إلى أجواء الطفولة، ومراتع ليالي البرد، وأجواء القرية المعطرة بماء المطر، كنت برفقة أعذب الأصدقاء وألطفهم، نشعل النار بجوار بيت الشعر والإبل، في صحراء نجد الذهبية، التي تستعد هذه الأيام لاستقبال الشتاء، هاربين من زحمة وضوضاء المدينة؛ لنتأمل مفاتن الليل والسماء.
وفي – عز الصمت – لمحت تغريدة لتركي الدخيل توقفت أمامها، وبدأت أقلبها، وأتأمل معانيها، وقبل أن أبعث تعليقي المستهلك (ما أجملك، ما أروعك…) توقفت وتساءلت: هل التعليق هذا يكفي؟
ومع توقفي للبحث في الذاكرة عن “كلمات ليست كالكلمات” بدأت صور الشامخ على ثغر من ثغور الجمال، نجمنا المتوهج في سماء الثقافة والإبداع والجمال، النجم الاستثنائي في مواقفه الإنسانية تهطل، والأسئلة تدور في ذهني!
- متى نكتب عمن يصنع الحب، وينثر الورد، ويزرع الرقي؟
- لماذا نخجل من استخراج الكلمات من زجاجة العطر، كي نرشها على من يستحق؟
- لماذا لا نصفق كما تصفق الجماهير لنجومها، لمن تحرر من قيود النفس الأمارة بالسوء، وركل أضواء الشهرة والنجومية الزائفة، وعرف ما النجومية، وما المنصب؟
- لماذا لا نكتب عن تركي النبيل، الذي وقف موقفًا إنسانيًّا مع أحد الزملاء (ولم تعلم شماله ما فعلت يمينه)؟
كيف مر هذا الموقف وغيره من المواقف العظيمة التي عرفناها مرور الكرام علي وعلى الزملاء؟
الحقيقة لا أدري!
والحقيقة أن الكتابة عن تركي الدخيل أشبه ما تكون بـ(حقل أنغام)؛ لأن تجربته الثرية التي يقف عليها فوق الغيم تجربة متنوعة، مليئة بالألوان، تجربة إنسانية علمته التصالح مع الذات، والتعايش مع الآخر، وقطف النجمات المضيئة دون مزاحمة.
كلما قرأت كلماته الندية، ورسائله الراقية، وتغاريده الجميلة، تذكرت رسالة صاغها محمد البريدي-رحمه الله-:
“كلماتكم هي أنتم
فاغسلوها بماء الورد والياسمين
بخروها باحترام الآخرين لتفوح برائحة حلوة
عقموها بالأدب والتواضع كي تبقى لكم مفخرة”.
تغريدة:
تركي الدخيل: سحاب أبيض يطفئ الشمس الحارقة بومضة، ويحيي القلوب الخضراء بباقة مطر.
ما أجمله!