نص المقابلة
تستمعون الان الى “حقوق المرأة بعد الربيع العربي” من اذاعة “اميركا ابرود”، و ننتقل الان إلى المملكة العربية السعودية و دول الخليج الغنية بنفطها ذات الجذور البدوية…تاريخياً، حالة النساء في هذه المنطقة لا تضاهي مثيلاتها في الدول العربية الاخرى في شمال أفريقيا و شرق البحر المتوسط. ورغم الدرب الطويل الذي على المنطقة اجتيازها في هذا الصدد، إلّا انّ تركي الدخيل يقول أنّهُ تمّ تحقيق بعض التقدّم فيه. والدخيل هو شخصية إعلامية سعودية مرموقة و مدافع متحمس عن حقوق و قضايا النساء. يقدم الدخيل منذ سنوات عدّة برنامج حوارٍ تلفزيوني على غرار برنامج “لاري كينج لايف” الشهير يذاع عبر قناة “العربية” ، وسنستمع إليه الان من خلال مترجم :
“المرأة حققت في السنوات القليلة الماضية في السعودية حضوراً جيداً في مجال حقوقها، لا زال أمامنا الكثير لانجازه لكن لو نظرنا إلى سجلنا القريب في هذا المجال، فإنهُ يعني الكثير أن يقوم الملك بتعيين 30 إمرأة في المجلس التشريعي السعودي بالاضافة الى تعيين امرأة نائبة لوزيرٍ للتربية و المعلومات.”
أنّ التمييز بين الذكور والاناث في المجال الوظيفي قائم منذ زمن بعيد في السعودية، فقد حدت الأعراف والتقاليد القديمة من فرص المرأة في التقدّم، و لسنوات طويلة والشرطة الدينية تفرض على النساء ارتداء النقاب في الاماكن العامة، لذا فإن تعيين 30 إمرأة في المجلس التشريعي و الأعداد المتزايدة من النساء المبدعات في القطاع الخاص يمثلان خطوات تقدمية كبيرة في المملكة. كما و يعدّ توكيل مسؤولية قطاع التربية والتعليم إلى إمرأة خطوة جريئة جداً، فلسنوات طويلة كان قطاع التعليم حكراً على الإسلاميين المتشددين فكرياً ممّن يعارضون تقدّم المرأة، كما يشرح لنا تركي الدخيل:
“يجب ان نؤكد أنّ هناك تيارا قويا و فاعلا في السعودية غير سعيد على الاطلاق بهذه التحسينات في مجال حقوق المرأة والتي ينظرون اليها على أنّها نوع من “التغريب”، ومثل هذه الاصلاحات تقابل بالرفض من قبل المتشددين في السعودية و غيرها من الدول الاسلامية والعربية، ومن الجدير بالذكر أنّ المتشددّين ليسوا فقط من الرجال، بل هناك نساءٌ ايضاً يحاولن منع تحقيق فرص تقدّم لاخواتهنّ، لكن نائبة وزير التربية نورة الفايز قد قدمّت الكثير للردّ على هؤلاء، واليوم حوالي 60% من طلبة الثانويات والجامعات هم من الفتيات.
لقد عمل الدخيل على الاستفادة من شهرتهِ الاعلامية من خلال تأسيس مركز فكري في دبي هو “المسبار للدراسات و البحوث” بالإضافة إلى دار للنشر التي تساهم مطبوعاتها في تطوير المجتمع المدني في العالم العربي.
قام المسبار في العام الماضي بجمع عشر باحثات من مختلف الدول العربية لتأليف كتاب عن المرأة العربية بعد الربيع العربي، و قد أظهرت نتائج بحثهّن انقساماً سلبياً حاداً فيما يتعلق بتغيّر واقع المرأة العربية في المنطقة كما يوضحهُ لنا تركي الدخيل:
” في الوقت الذي نرى ان دول مجلس التعاون الخليجي تحقق فيها المرأة تقدمّا في مجالات التعليم و الحياة العامة ، نرى في الدول التي شهدت الثورات، مثل تونس التي كانت المرأة فيها قد وصلت مراتب عليا، نرى في هذه الدول إنّ وضع المرأة في تدهّور ، فأن القوى التي تسلّمت مقاليد الأمور هي الجماعات التي تعارض حقوق المرأة لذا نرى في هذه الدول تراجعا كبيرا سواء كانت تونس أم مصر أو حتى اليمن”
إنّ تركي الدخيل يأخذ هذه المسألة شخصياً ، فهو أب لثلاثة أطفال: ابنان و ابنة وحيدة تدعى ( مي ) تدرس الآن في كندا.
” مرحباً، اسمي مي الدخيل و والدي هو تركي الدخيل وأنا حالياً في المرحلة التاسعة( الثالث الثانوي)، أن عائلتي – و بسبب والدي – هي عائلة منفتحة فكرياً، و رغم كوننا أسرة سعودية و نمارس ما تمارسهُ الاسر السعودية الأخرى كالإلتزام الديني و الصلاة و غيرها…فنحنُ أيضاً نمارس الاشياء ذاتها لكن بطريقة أكثر انفتاحيةً .. لقد ربّاني والدي أن أكون محترمة كما هو حال أي أب، و لكنّه علمني الّا أخفي ابداً مشاعري و افكاري و مواهبي لمجرد أنني من السعودية لان هذه هي الفكرة السائدة عن نساء بلدي ، و لكن عندما تجد دعماً و سنداً من شخص ما فأن هذا يسهّل الامور و يجعلها أفضل.. و هذا الشخص هو بالتأكيد أبي.. كلا أبواي بالأحرى!”
يدرك تركي الدخيل للاسف أن ( مي ) لن تتمتع بذات الحقوق التي سيتمتع بها شقيقاها حال عودتها إلى السعودية:
“في الحقيقة انني اتمنى لابنتي مي بأن تحصل على نفس الحقوق التي يحصل عليها شقيقاها واتمنى ان تحقق أكثر من ذلك لان النساء يواجهن الكثير من الاضطهاد في أماكن كثيرة و هنّ بحاجة الى دافع لكي يقاومون هذا الاضطهاد”
كما تعلمنا من تركي الدخيل فان هناك تحسّنا ملحوظا في وضع المرأة في المملكة العربية السعودية والخليج.
الاثنين 10/2/2014