لم ينشغل الناس هذه السنة كثيراً بذكرى 11 سبتمبر، بل جاءت الذكرى فاترة باهتة، تكاد لا تشجّع أحداً على النطق إزاءها بالكثير من الحديث. ما شغل الناس في شهر سبتمبر وتحديداً في 9/9/2009 كان الحدث الأبرز في المنطقة وهو انطلاق مترو دبي. شاهده الناس مباشرةً عبر الفضائيات، وشاهدوا كيف برز كاللسان الذهبي في عرس مدهش، بيّن كم أن دبي بقيت تصنع المعجزة تلو الأخرى، من دون أن تنصت للإزعاج، الذي يبدو أن بعض المجتمعات لا تحسن غيره. بقيت دبي العروس الدائمة التي لا ينتهي شهر عسلها، كل يوم هو بالنسبة لها بداية لمرحلة أخرى من التنمية والتفكير بالمستحيلات من أجل تحقيقها. إذا تحدّثت مع أحد قبل عشر سنوات أن هذه المدينة ستكون على ما هي عليه الآن، وأن المنطقة الموازية لشارع الشيخ زايد ستكون جسراً لمرور \”المترو\”، فإنك ستُتهم بالخبل وقلة العقل وضعف الحصافة. دبي حاولت مراراً أن تعلم الناس أن التنمية تأتي بالقليل من الكلام والكثير من العمل. تحدّث الناس قبل أشهر مع اشتداد الأزمة العالمية عن أن دبي ستضطر لإلغاء مشروع المترو، وأنها ستنتظر إلى أن تنفكّ الأزمة، بينما افتتح المترو في الوقت المحدد من دون أن تصحّ إشاعة واحدة من إشاعات الكسالى، الذين وصفهم طه حسين بـ \”الذين لا يعملون… ولا يريدون للآخرين أن يعملوا\”! لفتتني\”كيت دوجلاس\”، وهي تتحدث عن \”إنسانية\” مشروع المترو، فهو ليس مشروعاً جامداً، ولكن دوافعه بالأساس كانت دوافع إنسانية، ذلك أن مناخ دبي لا يساعد على وقوف الإنسان حتى ولو لدقائق من أجل العثور على \”باص\” أو \”تاكسي\” لهذا، فإن \”المترو\” سينهي هذه المأساة، كما أن الكاتبة ترى أن المترو \”فرصة لتوفير وسيلة أخرى من التفاعل الاجتماعي في إمارة تزخر بثقافات مختلفة وأساليب مختلفة في قيادة السيارات. وإنْ أفلح هذا المشروع، وسار على نحو جيد، فسيغير نسيج دبي الثقافي على نحو جوهري\”، إنها وسيلة حقيقية في تغيير عادات الناس، في التنقل، وتغيير عادة يجر إلى تغيير أخرى. إن المترو ليس فرصة للتنقل فحسب، وإنما فرصة لالتقاء الطبقات الاجتماعية، والجنسيات والثقافات المختلفة، كما أنه وسيلة نقل راقية للغاية، تمتاز به المدن العظيمة التي تأسست على بنية تحتية ثرية، تاريخياً وسياسياً واقتصادياً، وأن تأتي دبي إلى مصاف المدن التي تحتضن مشروعاً كهذا فإنها نقلة نوعية ومصدر سعادة لكل مواطن أو مقيم أن يشاهد النجاحات وهي تتناسل نجاحات أخرى من دون ملل أو توقف.
جميع الحقوق محفوظة 2019