أعترف أن مواقع التواصل الاجتماعي أعطتنا فرصةً لمشاهدة ذواتنا بمراياها. التحفّظ والتزيّد والادعاء يختفي أحياناً، مع الحرية الممنوحة لنا في تلك المواقع. تجربة “تويتر” ثرية بمعنى الكلمة، من خلاله رأيت الكثيرين، وتعرفت على شخصيات فذة، وعلّمتني مستويات متنوعة، من القاع نزولاً، إلى القمة صعوداً.
“تويتر” وصفة سهلة، تدخل، ثم يضيفك من تريد، وتضيف من تريد، وليس شرطاً أن تتبع من يتبعك كما هو حال تقنية الفيسبوك، لهذا هو أكثر مرونةً وحريةً، وفيه يتعود الإنسان على الاختصار في تعبيره، وقديماً قالت العرب: “البلاغة الإيجاز” وهكذا هو “تويتر”. طبعاً أن أتأمل الوجه الإيجابي، أما الكائنات المختبئة التي تعتاش على الحقد ونهش الآخرين فلا يعنوننا في هذا السياق.
من بين ما لحظته في “تويتر” أن البعض يسألني عن “أتباعي”! يقول إن الأربعمئة ألف متابع الذين هم “أتباعي” كما يظنّ لا بد أن أوجههم، أو أن أنصحهم، أو أن أدلهم على الطريق الصحيح، تأملتُ في كلمته هذه ووجدت الفهم الخاطئ جداً، إذ الذي يتبع هو يتتبع حرفك ولا يتبع منهجك على طريقة المصلحين!
من يتبعنا بـ”تويتر” فإنه يتبع حروفنا، ولا يتبع ذواتنا، فلا داعي للنرجسية الساذجة في التعامل مع هذه الأرقام. هناك بعض الدعاة والمفتين يتبعهم من يريد منهم نصحاً أو توجيهاً، أما صفحتي فقد أسستها لتبادل شوارد الخواطر، والتنزه في حقول الذين أتبعهم ويتبعونني، وهذا هو الهدف، فأنا لستُ ملهماً، ولست غانديّ زماني، بل إنني أقدم بصفحتي المنتج الذي أقدمه، من زاوية صحفية، أو برنامجٍ تلفزيوني، لكنني لا أؤمن بأنني “أتبع” بالمعنى المنهجي، وهذا خطأ يقع فيه الكثير.
البعض يطلق على من يتبعه بـ”تويتر” “هؤلاء جماهيري”! وهذا لفظ غير دقيق بتاتاً، بل إن من يتبعك هو يتبع حرفك، وربما كان لا يطيقك أصلاً، فالقليل من النرجسية أيها السادة!
قال أبو عبدالله، غفرالله له: وكم تعلمنا من التقنيات، من الأجهزة اللوحية والكفية، من كل الموجات التقنية، وها نحن ننعم بالمواقع التي كشفتنا، بأخطائنا تارةً وبصوابنا تارةً أخرى. إن الذي يستطيع أن يكون هو ذاته مع المسؤولية الفردية في المواقع التواصلية والتفاعلية يمكنه أن يكسب الكثير من الفائدة، والحوار، والتعرف على شخصيات مميزة يمكنها أن تؤثر في الحياة.