كارثة جدة هل ستكون مجرد حدث يمر مرور الكرام، ويتكرر كل سنة من دون عبرة أو تأمل أو إصلاح؟! الفساد لم يعد سراً، الملك عبدالله نفسه تحدث عن وجود الفساد، وكان يسأل عن “مشاريع ما بينت”، وحينما أتحدث عن الفساد أعني كل الفاسدين الذين تكونت جدة بسببهم على هذه الهشاشة والركاكة. والمشكلة أن بيوت الفقراء والمعدمين والبسطاء هي التي تندثر وتغرق وتتكسر على عكس البيوت الكبيرة التي تخضع لهندسة دقيقة ولحماية عالية. بيوت الطبقة الوسطى من المجتمع هي التي تكون عرضة للتلف والانهيار.
الزميل عبد العزيز قاسم كتب خواطر حول الكارثة التي مسته هو، والتي تلف فيها نصف بيته وغرقت سيارته بعد أن جرفها الماء يقول: “أحمد الله تعالى على ما قدر وكتب، فقد بوغتنا بالسيل يوم الأربعاء في حي النخيل – الذي معظم سكانه من متوسطي الدخول، فمعظمهم دكاترة وطيارون ومشرفون تربويون وإعلاميون- ونحن الآمنون طيلة الكوارث الماضية بسبب سدّ أم الخير، الذي لعبت فيه الأمانة، فانهار السد… وانصب علينا السيل صبا، ويا لله ، وأنا أهرول بابنتي الصغيرتين للدور العلوي، وقد غمرت المياه الدور الأرضي”.
من حق المواطنين أن يتساءلوا وقد فعلوا، كيف لبلدٍ لا ينقصه الخير والمال أن يكون عرضةً لمثل هذه الكوارث سنوياً؟ وإذا كنا فهمنا أن كارثة العام الماضي كانت مباغتةً فلماذا لم تأخذوا احتيطات هذه السنة؟
بعد الحرب العالمية الثانية هناك مدن وأحياء بكاملها بنيت خلال سنوات بسيطة، بل إن ألمانيا بعد أن دُكت دكاً احتاجت فقط إلى خمسين سنة لتكون ضمن أقوى خمس دول في العالم! الشيخ صالح كامل يحاول أن يفسر الخلل في جدة حين يقول: “ما حدث كارثة طبيعية، وكل العالم يتعرض لكوارث طبيعية، ولكننا لم ننتهِ من الدراسات والتنفيذ في وقت سريع، من بعد كارثة العام الماضي وأولى خطوات تنفيذ أمر خادم الحرمين ستكون عبر الاجتماع الوزاري الذي سيحدد جهة لتتحمل المسؤولية وستكون جهة واحدة فقط، لأنه إذا ضاع دم القتيل بين القبائل، ما تلاقي غريمك”.
المشكلة أيها الإخوة ليست في غريم أو غير غريم، بل في مدينة هي شريان الحج والعمرة وهي ميناء ومركز اقتصادي وتجاري حيوي في السعودية، كيف ستكون وإلى ماذا ستؤول؟!