مع قرب رمضان، ومن كل سنة، تأتي نفس القضايا التي نكررها. رؤية الهلال، مكبرات الصوت، الإسراف في التبضع، ولا تسأل عن برامج الإفتاء. معظم الأسئلة التي تطرح هذه السنة طرحت من عشرات السنين، لكن يتم تكرارها بطريقةٍ أو بأخرى، يختلف الزمن والتوقيت والسائل ولا تختلف الفتيا. مع كل سنة ومنذ سنواتٍ عديدة يأتي يصرح بعض المسؤولين في وزارة الشؤون الإسلامية للحديث عن المكبرات الصوتية. كتبتُ في هذه الصحيفة بتاريخ 20 مارس 2009 مقالةً بعنوان:”تداخل أصوات المساجد إزعاج”، كنتُ أعلق فيه على تصريحٍ لوزير الشؤون الإسلامية الشيخ، صالح آل الشيخ، تحدث عن تداخل أصوات الأئمة بسبب مكبرات الصوت.
بعد سنتين من ذلك التصريح جاءنا تصريح جديد لوكيل الوزارة في الشؤون الإسلامية وأعني به الدكتور: توفيق السديري، رأى فيه أن المراقبين في المساجد أقل من المطلوب، حيث صرّح بأن: “الحاجة لا تزال قائمة لزيادة عدد المراقبين مع الحرص على الكفاءات منهم، حتى تصل الوزارة إلى ما تتمناه وما تصبو إليه لخدمة بيوت الله، بما يليق بها، وبما يليق باسم المملكة”. وظيفة المراقب في الوزارة تعني مراقبة إمام المسجد والمؤذن، بحيث يكون لديه حي سكني أو مربعاتٍ سكنية يتابع كل المساجد التي تضمها، ومهمته ضرورية وحيوية لكنها لم تفعّل، حيث تنتشر المخالفات في المساجد، بين من يضع مؤذناً من “بنغلاديش الشقيق” ويعطيه فتاتاً من المال، وبين من يرفع مكبر الصوت، وبين أئمة ومؤذنين لا يواظبون على الحضور والمسؤولية الوظيفية.
إن شرط تطبيق الأنظمة التي نثق بأن الوزير يتمنى سريانها فعلياً على المؤسسات والمساجد والجوامع لن يكون من دون تطوير وظيفة المراقب، لكن بعض الخبثاء يسأل سؤالاً جدلياً: طيب من يراقب المراقب؟ وهو سؤال مشروع لكن حل هذه الإشكاليات مرهون بالوزارة التي تحظى بدعمٍ مالي حكومي كبير.
قال أبو عبدالله غفر الله له: الدكتور السديري ذكر أن مراقبة “المعتكفين” في رمضان مهمة إمام المسجد، هنا أخذ الإمام دور المراقب! ثم إن المعتكفين من الضروري أن يكون اعتكافهم منظّماً بحيث لا يؤثرون على نظافة المسجد والسمت الذي ينشده المؤمنون في المساجد وخاصة في شهر رمضان المبارك.
أمنيات الوزير والوكيل في التصحيح طيبة، لكن هذه الأمنيات تتكرر كل سنة، كل ما نتمناه التطبيق… تطبيق تعاميم الوزير في المساجد التي هي بيوت الله حيث يلجأ إليها الناس كل يوم خمس مرات وهم يبحثون عن مسجدٍ مجهز للعبادة والابتهال إلى الله، لا يستبد به الإمام على هواه، ليس لأن الإمام لا يستحق هذا الدور، بل لأن لدينا عشرات الآلاف من المساجد، ولا يمكن أن نترك كل إمام يشرق ويغرب بمسجده على هواه، وإن ظن هذا الهوى حقاً!