خيال الرجل التقليدي عن الجمال يرتبط غالباً بالإعلان. الصورالتي يراها للفنانات وجميلات العالم يظنّ أنها فعليّة بكل تفاصيلها. ينسى الجودة التي تتمتع بها أجهزة التصوير، والمعالجات التقنية، وينسى المبالغة في التجميل صبغاً أو على مستوى العمليات أحياناً. الخيال يدفع بعض الرجال إلى توهمٍ كبير يتمثل في أن زوجاتهم عليهنّ أن يتجملن بنفس مستوى تجمّل الإعلان. ولأن الزوجة تحتاج إلى البيت وإلى زوجها، وتريد فعلاً أن تكون متطورةً بجمالها أمام زوجها فإنها تقوم بكل ما أوتيت من قوة لتحقيق الخيال الذي ينشده الزوج. بعضهنّ ينجحن، وبعض الأزواج ييأس، وبعض النساء يضقن بهذا الوهم الذكوري الكبير.
نشرت إحدى الصحف، قبل أمس، بعض الأرقام المخيفة عن معدلات الإنفاق على أدوات التجميل، يقول الخبر: “إن خبراء تسويق أكدوا على أن السعوديات سينفقن 1.8 بليون ريال سعودي بحلول سنة 2014 على شراء مواد التجميل والعناية بالبشرة. وأضافوا أن إنفاق السعوديات على تجميلهن ينصب أكثر فأكثر على شراء منتجات تفتيح البشرة والدهانات المضادة للشيخوخة ومستحضرات العناية بالشعر. ولاحظوا أن عام 2010 شهد زيادة نسبتها 11 في المئة في إنفاق السعوديات على مستحضرات العناية بالأيدي”. وفيه أيضاً أن السعوديات أكثر نساء منطقة الشرق الأوسط إنفاقاً على الجمال والمظهر والتجمّل. رأيي أن هذا شيء صحي مادام لم يصل إلى مستوى الإسراف، أو الدخول في دوامة العمليات، أو المبالغة في الأصباغ والألوان. أدوات الجمال هدفها إظهار الجمال الطبيعي لا تأسيس جمال مزيّف. هذا هو الفرق بين الشكلين من التجمل.
وبعض النساء يقلنَ :”كل هذا وليت أن رجالنا يرضون”!
قلتُ: وبعض الرجال لا وسامة فيه ولا جاذبية، ولا أناقة ولا تجمل، ويريد أن تكون له زوجته بجمال الهوليوديات! وهذا خيال إعلامي سطحي. لكن الذي أثبتته المرأة السعودية أنها تحب التجمل،وآمل ألا يكون التجمّل فاتحةً لتخريب الجمال الطبيعي.
قال أبو عبدالله غفر الله له: كل امرأة تستطيع أن تكون جميلة، مهما كانت، وذلك من خلال استخدام الأدوات التجميلية التي تبرز الجمال الطبيعي الذي يعكس بصمة الأنثى، لا الجمال المصطنع الذي يغير الملامح ويبدل الشكل، وهذا يخرب روح الجمال وسحره. أتمنى المزيد من الجمال الطبيعي والقليل من استهلاك المستحضرات المزيفة، أو الخضوع للعمليات السيئة.