من بين المشاكل الاجتماعية لدينا أن الكل يتابع الكل. العيون مفتوحة. مع أن المجتمع بمجمله متشابه في عمقه. هناك وجه للناس، وآخر للبيت. وجه يستخدم في داخل السعودية، وآخر للظهور به خارجها. يهربون من بعضهم في الخارج خشية أن تقع أعينهم على بعضهم وقد أبرزوا “وجههم الثاني” هذا بشكل مجمل. فلا داعي للحديث عن الناس بالسوء. فلكل سوأته.
نشترك في كثير من الآفات والنواقص، وهذا من طبع البشر، فنحن لسنا ملائكة كما نحاول أن ندعي في وجهنا الداخلي! بل ربما كان بعضهم وجهه ظاهره الصلاح وربما سرق وأكل مال يتيم أو مارس فعلا مسيئا. فلا يجب أن نضطر لمخادعة بعضنا البعض بادعاء الكمال. بل لكل منا ثغرته. ولهذا جاءت الشريعة بتحريم التجسس على الآخرين، وعمر بن الخطاب نهى عن التجسس حتى على من يشرب الخمر ذلك أنه أغلق باب بيته!
البعض يتساهل بالمداهمة والتجسس. وحسنا فعل رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبداللطيف آل الشيخ الذي صرّح لصحيفة الوطن قبل أمس قائلا: “المداهمات التي تقوم بها الهيئة لا تتم إلا بأضيق الحدود، وبعد التنسيق مع الجهات المسؤولة ومشاركة الجهات الرسمية، وهذا الأمر غير قابل للاجتهاد إطلاقا، ومن يخالف هذه التوجيهات سيعرض نفسه للمساءلة. الهيئة تقوم بالأعمال المناطة بها وفق الأنظمة والضوابط المرعية، وليس صحيحا أن الهيئة تقوم بالمداهمات بناء على توجيه من مكاتب المناوبة ونحو ذلك، فإن الأمر ليس كذلك، وهذا ليس من نهج الهيئة ولا من صلاحياتها إلا بعد التنسيق مع الجهات المسؤولة، وأخذ إذن بذلك ومشاركة هذه الجهات الرسمية”.
المداهمات الاعتباطية التي تقوم على أساس التوهم الشخصي حين تتمدد فإنها تشكل خطرا على الأمن الاجتماعي، حينها يتصاعد الأمر وبخاصة أن مجتمعنا قبلي وعشائري والمداهمة للبيت توازي التجرؤ على العرض، وحين تكون يد المداهمة سائبة فإننا قد نواجه الكثير من الأخطار والكوارث الأمنية.
قال أبو عبدالله غفر الله له: لنخفف من ادعاء المثالية والكمال، ولنعلم أن ما نعيبه بألسنتنا شماتة بالآخرين قد وقع الكثيرون بمثله وأكثر، فلا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم.. القليل من الادعاء.. والكثير من الخجل والحياء.