تخيّلوا أن بعض المبتعثين لا همّ لهم سوى ارتداء بنطلون “طيحني”!
كأن الدولة التي تصرف عليه بضع ملايين خلال إقامته ودراسته ابتعثته ليلبس هذه البناطيل الرخيصة في الولايات المتحدة الأمريكية. وإذا كان الابتعاث فرصةً لتغيير العادات والسلوكيات والأفكار لدى المبتعث، فإن الكثير من الطلاب عكسوا الآية، صاروا يذهبون بشنطهم المدججة بكل حمولتهم السلوكية ليبرزوها إلى الأمريكيين، ويظنّون أنهم سيأتون لأمريكا بما لم يعلموه، وما لم يعرفوه. بينما هو عالة عليهم في كل شيء.
قبل أيام “أعلنت الملحقية الثقافية السعودية في واشنطن، منع دخول الطلاب المبتعثين باللباس الرياضي أو البنطال القصير “شورت” أو القمصان التي تحمل عبارات مخالفة، أو الأشخاص الذين يسرحون شعرهم على طريقة “كدش”. وقالت الملحقية إنه: “يجب على جميع الطلاب القاصدين الملحقية بغرض إنهاء معاملاتهم، الالتزام بالزي السعودي أو الملابس اللائقة التي لا يكون فيها أي مخالفة أو شذوذ في تفصيلها أو ألوانها داعية المخالفين لهذه التعليمات إلى ضرورة إنهاء المخالفة، ثم مراجعة الملحقية لإنجاز معاملاتهم حتى لا يتم منعهم من الدخول، حيث تأتي هذه التعليمات بعد أن لوحظ مراجعة بعض الشباب للملحقية بملابس رياضية وبناطيل غير لائقة وقصات شعر غريبة”.
قلتُ: لا أدري هل ألوم الملحقية على هذه البيانات حول تفاصيل صغيرة؟ أم ألوم الطلاب الذين أشغلوا الملحقية بتوافههم؟
كان المبتعثون الأوائل الذي ذهبوا قديماً إلى بريطانيا وأمريكا واشتركوا في تأسيس البنية التحتية للدولة على مستوى كبير من المسؤولية والجدية، لم تكن هذه التفاصيل الصغيرة شغلاً شاغلاً لهم. اليوم أصبح الكثير من المبتعثين يتجهون للابتعاث كخيار للتغلب على البطالة، لأنه ومن المفارقات بات الحصول على بعثة أسهل من الحصول على وظيفة. ولنقرأ الكثير من المدونات التي تعنى برصد تلك التصرفات في تلك البلدان، سنرى العجب العجاب. نرى أناساً نقلوا معهم “عربجتهم” من شارع التحلية إلى تلك العواصم، وفي ذهنه أنه حتى وإن فشل وعاد فسيكون ربح سياحةً مجانية بدلاً من البطالة الكبيرة في هذا البلد الكبير.
لا أظنّ أن بإمكان بيانات الملحقية أن تصلح ما أفسدته الثقافة والسلوكيات. ولله في خلقه شؤون.
جميع الحقوق محفوظة 2019