أماه يا أصيلة النسب والأعراق···يا سيدتي وحبيبتي وصديقتي وأمي وخليلتي··· يا من سميتِ وارتفعتِ بداية من اسمك (مزنة) وليس نهاية بأفعالك···
السلام والرحمة والبركة عليكِ من الله، سلاماً يحيل ألمك شفاءً وتعبك راحة وقلقك سكوناً ودعة···
السلام عليكِ سلاماً كالسلام الذي أنزله الله على إبراهيم يوم ألقي في النار فكانت عليه النيران برداً وسلاماً···
السلام عليك يا من سهرتِ لأنام قرير العين··· سلاماً يقر عينك·
السلام عليك يا من تعبتِ لأرتاح··· سلاماً يجعل كل تعب يصيبك رفعة لدرجتك وعلواً في منزلتك···
السلام عليك يا من جعتِ لآكل··· سلاماً يملأ جوانحك هدوءاً وسكينة ويقيناً بواسع رحمة الله···
السلام عليك يا من رعيتني فأصبحت في الناس شامة في جسد أبيض··· سلاماً يرعاك في كل لحظة ويعتني بك في كل ساعة···
السلام عليك يا من لا تغيب ذكراك مع كل جميل، سلاماً يجعلك كما أنت، مصدراً للجمال، ومنبعاً للأصالة، وموئلاً للأخلاق، ومحبة الناس، ونفعهم، والقرب منهم، والصبر عليهم، ومقابلة إساءتهم بالإحسان···
السلام عليك يا من علمتني أن العفو عن الناس من شيم الكرام، سلاماً أرجو الكريم به أن يعفو عنك كل خطيئة، وأن يظللك بسحاب محبته ومغفرته ولطفه···
أماه يا أحب الناس إلى قلبي··· كلما أردت أن انخرط في نوبة بكاء لأجلك تذكرت يوم زرتك في المستشفى ودسست جسدي في فراشك لأقترب من أنفاسك الطاهرة، وبكيت بكاءً حاراً، أنك قلت لي:
يا بني ماذا تخاف عليّ؟!أتخاف عليّ الموت؟!
لئن مت فإنني ذاهبة إلى رب كريم أحبه وأتشوق إلى لقائه وهو أحن عليّ من كل أحد· كيف لا وهو الحنّان المنّان الكريم الأكرم سبحانه جل شأنه· وإنْ أحياني ربي فإني مستمتعة بأبنائي وبناتي···
قرأت كثيراً، فما علمني شيء عظمة الإيمان كقولك هذا يا سيدتي· وجربت كثيراً فما رأيت أبلغ من مقولتك هذه يا قلبي ويا عيني·
كنت منذ سنوات كلما أردت أن أضعف أمام شأن من شؤون الدنيا وخطب من خطوبها أتذكر قوتك في مواجهة الحياة، فتعينني على البعد···أذكر أنك كنت ولا زلتِ لي أماً وأباً وصديقاً وحبيباً···
وأدعو على الدوام لأبيك عندما أسماك مزنة كلما تظللت بفيء غمامتك واستظللت برداء رحمتك وحنانك، وتدثرت برداء قلبك الكبير···
أتدرين متى أذكركِ يا حبيبتي، أذكرك مع ثوب العيد الجديد، وأذكر أنك كنت على الدوام عيدي وفرحتي·
بياضُ ثياب العيد يذكرني بقلبك الأبيض، الذي كان مصدراً لكل بياضي يا حلوتي·
يا سيدتي وحبيبتي أريدك قوية كما عهدتك، لأستفزع بضمتك الحانية من كل عاصفة تنتظرني في مقبل الأيام···
من يقوينا بعدك يا أماه إذا ضعفتِ أنت؟!
لا زلت أتذكر المصائب الكبار تمر بكِ واحدة تلو الأخرى وأنا صغير، ولا يبقى في مخيلتي شيء كثباتك كالجبال·
والله إني أتذكرك كلما رأيت الجبال، وأتذكر الجبال إذا رأيتكِ، أفتنهد الجبال يا أم تركي؟!
يا أماه أنتِ كالأشجار السامقة التي تحيى وتموت واقفة، أطال الله عمركِ على حسن عمل···
أتنسين كيف كان أبناؤك السبعة وأنا بينهم يبكون حول سريرك الأبيض قبل الجراحة الأولى وبعدها، وأنت تقوينهم وتشدين من أزرهم وتنهينهم عن البكاء؟!
اللهم اشفها بكل قطرة لبن رطبت بها جفاف حلوقنا، وأقل عثرتها بكل لحظة سهر قضتها لننام، وارفع عنها بكل عمل صالح لنا ولها ما تقاسيه من آلام···اللهم إنك ألطف بها منا، وأحن عليها من خلقك، فلا تكلها إلا دموعنا وأنت أكرم من دعي وأعظم من سئل···
[email protected]
جميع الحقوق محفوظة 2019