أوجع الإعلام تنظيم القاعدة، فلجأ التنظيم إلى التخطيط لاستهداف الإعلاميين، كما استهدفوا من قبل المسؤولين، ورجال الأمن، ولا أدري لماذا يخاف هؤلاء من إعلامي يحمل قلماً وينطق بكلمة، فلا هو حمل رشاشاً ولا قتل نفساً ولا أزهق روحاً. غاية أمره الكتابة في شأن وطنه، أو المشاركة الإعلامية في حل مشكلة، أو توضيح موضوع، أو توعية أسرة. لكن عضو التنظيم المسلح لا يستخدم القلم، وإنما يستخدم السلاح، ويريد قمع الناس وإجبارهم على ما يريد تحت التهديد بالسلاح!
الزميل جمال خاشقجي يقول عن إدخال الإعلاميين في قائمة المستهدفين: “إن إضافة الإعلاميين إلى قائمة المستهدفين من قبل القاعدة تؤكد معلومات سابقة عن ذلك، وبحسب ما سمعت من مسؤولين سعوديين، من المؤكد أن الإعلام قام بدوره والقاعدة متألمة من ذلك وهو نجاح يحسب له”.
قلتُ: نعم الإعلام أوجع القاعدة، وبخاصةٍ إذا أخذنا بالاعتبار الجرائم التي ارتكبت بحق إعلاميين أبرياء ولنتذكر “أطوار بهجت” الزميلة في قناة العربية وزملاءها الذين استهدفوا في العراق على وجه التحديد. وهم يحاولون أن يكونوا بمستوى التقدم الإعلامي عبر إنتاجهم وأشرطتهم ومجلاتهم لأنهم يعلمون جيداً أن هناك نجاحات إعلامية تجاه الفكر المتطرف لا بد أن يواجهوها بتغذية إنتاجهم الإعلامي، لكنهم أفلسوا إعلاميا واتجهوا لخطة استهداف الإعلاميين بأشخاصهم وهذا هو الإفلاس بعينه.
المشكلة أننا مع بروز قائمة جديدة، أو اكتشاف خلايا جديدة نضطر أن نعيد نفس الكلام الذي نقوله، لأنه لم يطبّق ولم يؤخذ بالحسبان، التجنيد له مصادر في الواقع، نجاح القاعدة في تجنيد الإرهابيين يدل دلالة واضحة على أن هناك منابع للإرهاب لم تجفف. لستُ مسؤولاً حكومياً ولا مسؤولاً أمنياً لأعرف من أين يتدفق هؤلاء، لكن الأكيد هناك ثغرات ينفذ منها أولئك، وأن ثمة محاضن يعيش فيها هؤلاء، وأن خطاباً دينياً ما يزال يحرض هذه الفئات، وأؤكد أنه خطاب ديني فالقوم لا يثورون بدوافع يسارية، بل يزعمون أن هدفهم ودافعهم ديني، وهو خطاب ما يزال خارج الرقابة الدقيقة. ثمة أقوام عندما كانت معلومات تتسرب عن أن خلايا القاعدة تستهدف الإعلاميين، كانوا يستهزؤون بهكذا معلومات، معتبرين أن الإعلاميين يختلقون هذه الأخبار للتكبير من شأن أنفسهم. واليوم ثبت الخبر بتأكيد وزارة الداخلية، فماذا عسى أولئك قائلون؟!
قال أبو عبدالله غفر الله له: إذا كان هذا الإنجاز الأمني قد أثلج صدور الناس، فإن الإنجاز الأهم أن نكتشف آليات التجنيد، وأن تكون هناك أفلام وثائقية تبين لنا كيف يتم التجنيد، هل الميدان الاجتماعي على درجةٍ كبيرةٍ من الانفلات بحيث يسهل تجنيد المئات ببساطة؟!