اللهم أغفر لنا جهلنا، وعدم فهمنا، وقلة إدراكنا، وتقصيرنا في أمرنا، وهو ما قادنا إلى انتقاد موقف “حزب الله” الذي قاد إلى حرب لبنان. هل قلت إن “حزب الله” قاد إسرائيل إلى الحرب، عفواً واستغفر الله وأتوب إليه، فـ”حزب الله” لم يقد أحداً لمعركة، بل قاد حملة العزة والكرامة، وهو الوحيد الذي قال لإسرائيل: لا، وألف لا. وهذه الـ “لا” تطربنا وتكفينا لتكون ميزاناً يرجح لصالحنا باتجاه النصر. فلتدمر إسرائيل لبنان، ماذا يعني؟! لقد دُمِرَت انجلترا من قبل! فلتقتل إسرائيل آلاف اللبنانيين. ماذا يعني؟! يكفيهم أنهم شهداء، وإن لم يختاروا الشهادة، فهذا من حسن حظهم. فليعد لبنان خمسين عاما إلى الوراء. ماذا يعني؟! يكفي لبنان أن يكون بلداً قادراً على السير باتجاهين، أحدهما للأمام، والآخر إلى الوراء، فهناك من لا يملك إلا السير باتجاه واحد، ولا يعنينا كثيراً ما وجه هذه الاتجاه أمن قُبل أو دُبر! يكفي لبنان، أن يكون لبنان الصمود، ولو مات الآلاف، وتشرد الملايين، فالصمود لأسابيع (يسوى) تشريد الملايين وقتل الآلاف. ألم نقل لكم قبلاً: وماذا يعني؟! فليتحول لبنان الذي يقتات على السياحة، إلى قاعٍ صفصفٍ لا ترى فيه عوجاً ولا أمتاً. فكرامة الأمة مقدمة على لقمة الخبز، والتنفس، والعيش! لقد كنت عندما انتقدت “حزب الله”، مثقلاً بغشاوة لم تُرنِ الكرامة التي يقودنا إليها “حزب الله”، عندما واجه إسرائيل، ولو كانت هذه المواجهة على حساب شعب تهجر منه مليون مواطن، وقتل منه أكثر من ألف وجرح الآلاف. ماذا يعني أن يقتل هؤلاء ويجرحوا، فهم فداء لكرامتنا، ولقد قتلنا مقابل الألف بضع عشرات من الإسرائيليين. وخربنا بضعة بيوت في شمال إسرائيل، وصواريخنا “شغالة” عليهم. يكفي “حزب الله” أنه الوحيد الذي صمد في وجه إسرائيل بضعة أسابيع، فيما دكت الجيوش العربية في أيام ستة، وإن تشرد الشعب، وأفنيت المدن، وهدمت المباني، وتشرذم الاقتصاد، فالكرامة أهم، وأغلى، وأبقى! عتبي على السيد حسن نصر الله أنه خاطب الحكام العرب، في آخر بياناته المصورة والمسجلة فطالبهم بالسعي عالمياً لإيقاف الحرب. وأحسب أن هذا يخدش ولو شيئاً يسيراً الكرامة، فوقف إطلاق النار، قد يضعف نصر “حزب الله”، في المعركة بقتله العشرات من الإسرائيليين، مقابل الآلاف من اللبنانيين. لا أقول لكم إن هذه الحسبة تعني رخصاً للدم العربي! معاذ الله، فهذه مقولة الحاقدين المغرضين، الذين يتربصون بالأمة الدوائر. بل يدل هذا على أن “حزب الله” يركز على النوعية في قلة العدد، لا على الكمية في كثرة العدد! ليتك يا سماحة السيد لم تطلب من هؤلاء الحكام إيقاف الحرب، فقد قلنا قبل قليل إن أعداد القتلى لا تعنينا، طالما نحن نحافظ على كرامتنا، وإن الكرامة لمنتقصة عندما نطلب وقف القتال، قبل أن تصل جحافل جيوشنا تل أبيب فاتحة منتصرة، وقبل أن تنتصب راية “حزب الله” على الكنيست الإسرائيلي بشموخ وكبرياء لا يعرفها المخذولون مثلي يوم أن انتقدت “حزب الله” من أجل حفنة من البشر قُتلوا خلال أسابيع، أو حفنة أخرى تشردت من بيوتها، ولو كان عدد الحفنة الأولى في خانة الآلاف، وعدد الحفنة الثانية في خانة الملايين.
جميع الحقوق محفوظة 2019