العمل ليس محصورا بسنّ ولا بجنسٍ أو لون. العمل جزء من ضرورات الحياة، مثل النوم والأكل والشرب!
وإذا أنتجنا مجتمعا عاطلاً فإننا نشرّك الديناميت في أرجائه، وندعه مهيّأ للانفجار مع أي حدث، وعرضةً للهياج مع أي مناسبة، لكن العمل هو الذي يحصّن المجتمعات من الانفجار. والطبقة الوسطى التي تعمل براتب مجز وكاف هي التي تقود عجلة المجتمع إلى بر الأمان. لا معنى لحصر العمل بلون أو شكل، أو جنس أو فصيلة دم.
المرأة حتى وإن كانت مسنة تكون قيادية في أعمالها، سبعينيةً كانت أو ثمانينية، أو ثلاثينية. استوقفني الخبر الذي نشرته “الوطن” قبل أيام عن امرأة سبعينية تفتتح معرضاً تجارياً في بريدة، افتتحت المعرض وهي محاطة بأحفادها وأبنائها من كل جهات حركتها. لم تكن وعاءً لفتنة، ولا شرارةً لكارثة أخلاقية. يقول الخبر: ” قامت الأم عقب حفل الافتتاح وبمعية أولادها وأحفادها بجولة داخل المعرض، فيما كانت عبرات الدموع تغطي على فرحتها بالمناسبة، كما أنها لم تتمالك نفسها من أن تلهج بصوت مرتفع بالدعاء وطلب البركة لأولادها في حياتهم العملية، معربة في الوقت ذاته عن سرورها وفرحتها بالمكانة والتقدير الذي تلقاه من أبنائها وإصرارهم على أن تشاركهم فرحة هذا اليوم وأن تدشن هي المعرض وتقص شريط الحفل إيذانا بافتتاح الشركة وبدء العمل رسميا واستقبال الزبائن”.
أعجبني أيضاً كلام ابنها عبدالله العنزي حين قال:” إنه انطلاقاً من تقديره وإخوته للدور العظيم لوالدتهم، أصروا على تكريمها وإدخال السعادة على قلبها بمشاركتها الفرحة في هذا اليوم، وأن تكون هي من يدشن الشركة ويقص شريط الحفل”.
العمل هو حصانة المجتمع ضد كل الأمراض. والبطالة هي ثغرة الدخول إلى مناعته وتعطيل حركته، وشلّ حياته. لا مراء في كون المرأة منذ القدم عاملةً ومنتجةً، ووراء كل امرأة عظيمة رجل عظيم، كما أن وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة. هذه الوالدة التي دشنت معرض أبنائها تعبر عن موقف وطني وإنساني لتقول لكل الذين يشككون في قيمة عمل المرأة ودورها إن النساء لن يكنّ معول هدم أو بطالة، بل معول بناء.
لتكن أرض الخير هذه التي نعيش عليها موضعاً لبذر زرعنا، ولنحصد ما تزرع أيدينا بأيدينا، لنرى التنمية وهي تتطور مع كل فسيلة تزرع… هذا هو الأمل!