عقد كامل مر على أحداث 11 سبتمبر!
مثل الحدث قمة التحدي لعلاقة الأميركيين بالسعوديين، حكومةً وشعباً. وتبعته أعمال إرهابية ومحاولات حثيثة من قبل تنظيمات متطرفة لضرب المصالح الأميركية في كل مكان. حتى ارتبط اسم الإنسان السعودي بالإرهاب. شُلّح بعض السعوديين من ثيابهم في المطارات، وصار الجواز الأخضر الجميل اللطيف محل تهمة، مع أن الجوازات الخضراء كثيرة، لكن تأبى العين الأميركية إلا أن ترى في “السعودي الأخضر” محل شبهة. بمعنى أننا ندل على الأحزمة الناسفة، بقر البطون، اختطاف الطائرات، تفجير المكاتب. لكن لم نتمتع بصفةٍ إنسانية واحدة من بين تلك الصفات!
لكن البطل المرحوم مشاري بن عبد المحسن السريحي كسر القاعدة، وضرب مثلاً عظيماً بإنسانيته الفطرية، حين أنقذ طفلاً مع أبيه وقد غرق بهم “البوت” الذي كانوا يصطادون فيه. هذا الشاب السعودي أنقذ صديقه الأميركي، لم يسأل عن دين هذا الأميركي، ولا عن دين ابنه، لم يسأل عن أي تفصيل، بل بادر ملبياً نداء الإنسانية، ولسان حاله: صديقي الإنسان يغرق مع ابنه، أنا لدي رخصة غوص بعمق 200 متر، لا بد أن أنقذهما. وبالفعل لبى النداء وأنقذ الطفل ثم سلم روحه إلى بارئها بعد أن تعرض لتشنج في العضلات.
قصة الصيد هذه يرويها نايف السريحي حيث يقول:”أسكن معه في غرفة واحدة ويدرس الهندسة الميكانيكية، اتفق مع صديقنا الأميركي للخروج يوم الأحد الماضي للصيد في بحيرة قريبة منا، وشاءت الأقدار أن ينقلب القارب فما كان منه إلا أن حمل الطفل مايكل لإنقاذه من الغرق ومن ثم العودة للبحث عن والده لإنقاذه، وبعد وصول رجال الإنقاذ حصلوا على جثة المواطن الأميركي ولمغيب الشمس وخطورة البحيرة أجلوا البحث عن مشاري حتى الصباح الذي شهد غالبية الطلبة السعوديين هناك للمساهمة في البحث الذي استغرق قرابة 20 ساعة باستخدام طائرة هيلوكبتر، ليجدوه متوفى بالقرب من الشاطئ، ولكنها إرادة الله الذي كتب له الشهادة”!
قال أبو عبدالله غفر الله له: رحم الله مشاري، فقد بيض سمعتنا وسمعة الشباب السعودي أمام العالم، لقد أوضح أن جيلاً من الشباب الحالي انفصل عن التفكير المتشدد الذي قسم العالم إلى فسطاطين، بل ضرب مثلاً جباراً للبذل والإنقاذ، وبعد أن عرف الأميركيون أن الشبان السعوديين – حسب زعمهم – يلبسون الأحزمة الناسفة لقتل الآخرين، ليعلموا اليوم أن الشباب من أمثال مشاري ينقذون أي إنسان من الكوارث والعثرات، أمطر الله على قبرك يا مشاري الرحمات!