هل يمكن لطالب جامعي أن يبدع بينما يسكن مع مجموعة من الفئران المتطاردة؟!
هذا هو حال طلاب جامعة الملك عبد العزيز بجدة في السكن الجامعي، علاوةً على بعد السكن عن الخدمات. التقرير الذي كتبه: علي بن حاجب، في جريدة “شمس” أبان عن هذه الكارثة الإنسانية، فهي فضلاً عن كونها شرخاً في جسد التعليم العالي، إلا أنها إساءة للإنسان. صارت مساكن الكثير من الجامعات أشبه بمخيمات اللاجئين، ولم تعد الغرف التي يتحارب الطلاب عليها سوى مجموعة من الأعباء والانقطاع التام عن الأجواء الاجتماعية والخدمية والمدنية. يصبح الساكن في هذا المكان غاية في الانقطاع والاحتجاب عن مراسم الحياة العامة.
تأملتُ في مطالب الطلاب، وإذا بها مطالب إنسانية عادية، أحدهم يطلب الإنترنت مبرراً طلبه بأن: “كثيراً من دكاترة الجامعة يعتمدون في تكليف الواجبات على الإنترنت، إضافة إلى البحوث التي نكلف بها في بعض المواد، فنحتاج إلى البحث عن المعلومة، والإنترنت اليوم يعد المصدر الأساسي لنا كطلاب في عملية البحث”.
طالب آخر يقول: “هذه المخلفات نتيجة للمباني الجديدة التي أعادوا ترميمها واستحدثوا فيها بعض الأدوات الجديدة، حيث رموا مخلفاتها في ملعب كرة قدم يتوسط السكن، مما جعل المنطقة كلها مقرا للأوساخ وتجمعا للفئران وعند هطول الأمطار أصبحت المنطقة مرتعا لتجمع الناموس بعد أن تكونت بحيرة، مما سبب انتشار بعض الأمراض”!
قلتُ: ولا أدري هل الجامعات وضعت السكن للتعذيب أم للتهيئة والتسهيل؟!
من الضروري إعادة النظر في الكثير من مساكن الطلاب، الكثير منها بات مرتعاً للسموم والأمراض، وأصبحت تشبه الملاجئ، ولم تهيأ تهيئة تامةً. أذكر أن طالباً شكا من عدم وجود مطعم في السكن يمكنه أن يأكل منه، بينما تبعد كل الخدمات عن السكن، وحكى لي أنه يتعشى على البسكويت. ليس بإمكانه أن يستمع إلى الأخبار أو الإذاعة.
إنني أفهم أن السكن ليس للتسلية وأن الطلاب يجب ألا تتاح لهم فرص تحويل السكن إلى “عزبة” ولكن في ذات الوقت لا يمكننا إغفال جانب تهيئة الأجواء العلمية لهم. والذي لا يريد أن يدرس أو يريد أن يرسب حتى لو نزعت عنه كل الملهيات سينام، والذي يريد أن يدرس ولديه همة حتى لو وضعته في وسط جمهور في مدرجات ملعب سيفتح كتابه ويذاكر.
هلاّ التفتم إلى مأساة هؤلاء الطلاب معاشر المسؤولين!