القمم التي احتضنتها الرياض برئاسة الملك سلمان والرئيس ترمب كانت مدويّة؛ النتائج التي رشحت عنها لم تكن في حسبان الكثيرين، الفضاء الثقافي بين البلدين طبع القمة؛ لم يعد بالإمكان الحديث عن توترات ممكنة بين البلدين!
لقد امتن الرئيس الأميركي للسعودية حسن الضيافة، وعمق الثقافة التي تتمتع بها السعودية… أكثر من 55 قائداً من العالم الإسلامي بالقمة العربية الإسلامية الأميركية، أفصحوا من خلالها عن الكوامن التي من الممكن أن يتسلل إليها الإرهاب، والملك سلمان قاد القمة بحزمٍ معتضداً بتاريخٍ يمتد لأكثر من ثلاثمائة سنة، تاريخ بلاده مؤرخ بالتسامح والتعايش بين أبناء هذه الأرض، لم يكن ثمة إرهاب إلا بعد ثورة الخميني عام 1979، حين أسست ثورته المضادة لطبيعة الدول كل الحالات الدموية، مريداً بذلك التمدد نحو المنطقة واستغلالها طائفياً، وكرّس النظام آنذاك مفهوم «تصدير الثورة» للخليج والعالم الإسلامي، لم يرد الحوار؛ بل أراد التوسع.
أرادت السعودية منذ ثورة 1979 – ما أمكن – أن تحتوي سياسيا آثار الثورة الخمينية، وتم الاتفاق على ما سمي آنذاك الاتفاق مع رفسنجاني، لكنه سبب المزيد من الاطمئنان الإيراني، ذهب النظام بعيداً بتدخلاته، وممارسته العمليات الإرهابية، والعمل على إفشال مواسم الحج والعمرة، ورفع الشعارات الخمينية، ولم ينته عند نشر الطائفية.
أشار ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى أن الرجوع كرة أخرى للحوار مع إيران أمرٌ غير منطقي، إذ يستحيل عليك محاورة نظامٍ هدفه غير مدني، وإنما آيديولوجي، يسعى لتوسيع مساحات النفوذ، والتأسيس لنعرة طائفية بالخليج والعالم العربي والإسلامي، والظهور إعلامياً بأسلوب المدافع عن الحقوق المدنية والقوانين الدولية.
وحينما جاءت القمة؛ ومعها الكلمات الواضحة من الملك سلمان بن عبد العزيز وترمب، ظهرت المواقف الواضحة، الملك سلمان قالها: «إن المنطقة لم تعرف إرهاباً وتطرفاً حتى أطلت ثورة الخمينية برأسها، إن النظام الإيراني، وحزب الله، والحوثيين، وتنظيم داعش، وتنظيم القاعدة، وجوه لعملة واحدة، مبادرات حسن الجوار التي قدمتها دولنا بحسن النية، واستبدلت بدلاً من ذلك بالأطماع التوسعية والممارسات الإجرامية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، إن النظام الإيراني يعمل على نشر الطائفية بالتعاون مع جماعات موالية له، إن المملكة لن تأخذ الشعب الإيراني بالجرائم التي يرتكبها نظامه».
إن القمة حلّت على محور الممانعين كالصاعقة، حتى إن أحداً منهم لم يشر إلى الإيجابيات التي رشَحَت عنها القمة، بل راحوا يضربون بسهامهم نحو هوامش وجزئيات، بينما الرؤية الاستراتيجية التي آلت إليها القمة كانت تاريخية، وآية ذلك أن الانتقادات التي كتبت على جزئياتها، كان الهدف منها استهداف جوهر الاتفاقيات والرؤى والبيانات، وفي نص إعلان الرؤية المشتركة: «إن إيجاد هيكل أمني إقليمي موحد وقوي أمر بالغ الضرورة لتعاوننا، تنوي المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية توسيع رقعة عملهما مع بلدان أخرى في المنطقة، خلال الأعوام القادمة لتحديد مجالات جديدة للتعاون. لقد طورت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية على مدى تاريخهما، شراكة بناءة مبنية على الثقة، والتعاون، والمصالح المشتركة. إننا نقف اليوم معاً للتصدي، لأعدائنا المشتركين وتوثيق أواصر الروابط بيننا، ورسم مسار نحو السلام والازدهار للجميع».
وأكد الرئيس الأميركي ترمب في القمة على إدانة ممارسات «حزب الله» والحوثيين، ومنظمات إرهابية؛ من هنا يكون وجه الوجع الذي أصاب بعض المتأثرين من حضور الإدارة الجديدة وتحولاتها تجاه قضايا المنطقة. ترمب وصل إلى جملة من النتائج، منها ضرورة الاستمرار بالبناء الاقتصادي مع السعودية، وإنهاء الإرهاب بعد افتتاح الملك سلمان لمركز «اعتدال»، ومن ثم التأكيد على الدور الإرهابي لـ«حزب الله».
إنها قمم عالمية، تستبق بنتائجها ممارسات كارثية لإيران، الراعية الأكبر للإرهاب، وتلجم المنظمات التابعة لها وعلى رأسها «داعش» و«القاعدة».
جميع الحقوق محفوظة 2019