هل يسوغ أن تستسلم المرأة لحالات التسليع والعرض التي يمارسها الإعلام؟!
في ذات الفترة التي فازت فيها اللبنانية ريما فقيه بلقب ملكة جمال الولايات المتحدة الأمريكية، انطلقت مسابقة ملكة جمال الأخلاق في السعودية في نسختها الثالثة. تقول خضراء آل مبارك لصحيفة الحياة “إن مسابقة هذا العام التي تنطلق الاثنين المقبل ستشهد إضافة مسارات جديدة، منها إقامة سلسلة محاضرات توعوية وورش عمل حول ثقافة حقوق الإنسان، وستقام بالتعاون مع الهيئة والجمعية، بهدف رفع سقف معايير المسابقة، لتكون أكثر دقة وشمولية”.
قلتُ: وهذه الفعاليات أهم وأجدى للمرأة والمجتمع عامةً من حالات عرض المرأة وتشييئها وتحويلها إلى طريقة ووسيلة للإعلان والاستثمار. وخاصةٍ والمجتمع يمرّ بحالة تأزّم أخلاقي سواء رضينا أم أبينا. مدار الكثير من الكوارث التي يرزح تحت سطوتها المجتمع “سوء الأخلاق”. لكأن الأخلاق غابت لصالح الأساليب البربرية والوحشية. المشكلة أن بين يدينا حديثاً هو غاية في الوضوح والدلالة حين قال عليه السلام: “الدين المعاملة”، هكذا … بدقة واختصار. الدين=المعاملة.
الجميل في المسابقة حسب ما صرحت به السيدة خضراء أنها تهدف إلى أن تكون الحصيلة للمشتركات ثقافياً كاملة، ليتمكنّ من الخوض في الحياة العامة، ولهن قدرة على نشر الثقافة الحقوقية في المجتمع النسائي، وتمكين الفتاة من معرفة حقوقها منذ نشأتها، وبالتالي تكون سيدة جمال الأخلاق نموذجاً متوازناً.
قال أبو عبدالله غفر الله له: هنيئاً للنساء السعوديات هذا الرقيّ في إدارة المسابقات، والرقيّ في الأفكار التي تبنى عليها المسابقات. هذه المسابقات التثقيفية بين النساء باتت نادرة. التنافس على لقب متصل بالأخلاق فعل مدني بامتياز. بقي الناس طويلاً يظنّون أن إعطاء المرأة فرصة المنافسة والتحرك يعني أنها ستتحول إلى فتاة غلاف. لكأن الحرية والتمكين حصرا في قضايا الصورة والجمال والغلاف والسلع.
أظنّ أن النساء السعوديات اللواتي مررن خلال السنوات المائة الماضية كنّ نماذج للسلوك المهذب والأخلاق العالية، ولئن لم يكتب لتاريخهنّ مدوّن فحسبهنّ أنهنّ ذهبن إلى الرفيق الأعلى وهنّ على مستوى كبير من الرقي والأخلاق. هذه المسابقة ليست على طريقة المسابقات الإعلانية الرخيصة، بل على مستوى الفعل المدني الرحب، وهذا سبب احتفائي الكبير بها وصدق من قال:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت … فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا!