بقي اسم الكاتب الليبي: محمود شمام حاضراً في الإعلام العربي، على مستوى التدبير الإداري في عضويته في مجالس الإدارة. أو على مستوى التحرير كما في “النيوزويك” أو “الفورين بولسي”. كما يحضر على مستوى المشاركات الإعلامية المؤثرة. امتاز شمام بحيوية متدفقة لا تهدأ. فهو استطاع أن يكسر جمود “اليسار” وأن يدخل في حيّز الثقافة الجديدة إعلامياً وفكرياً، بعيداً عن تغريد بقية اليساريين الذين ما زالوا ينشدون إنقاذ الناس من غلبة الثقافة الأمريكية.
يرى محمود شمام أن الإعلام أكبر من المنتديات ومن المؤتمرات، كما أنه يصنّف بعض المؤتمرات على أنها: “مهرجانات احتفالية؛ وبعضها يتضمن محتوى لا بأس به، تكمن أهميتها في خلق ما يسمى بشبكة العلاقات وهي فرصة سنوية لإجراء العديد من الحوارات الجانبية المهمة”. فهو يعتبر الإعلام ثورة بكل أطرافها لا بد أن يصل العرب إلى وسيلة لاستيعابها ومواكبتها.
يعتبر شمام أن النقلات الأكثر خطراً في الثقافة العربية؛ نقلتان، يقول: “هناك نقلتان خطرتان أثّرتا في الثقافة العربية؛ الأولى هي انتشار الترانزيستور فتحول الإنسان في تلقيه الثقافة من المكتوب إلى الشفهي، أي من اعتماده على القراءة إلى مجرد الاستماع، وكانت هناك مقولة تشير إلى أن ثقافة العرب في تلك الآونة تحكّم في توجهها ثلاثة “الرئيس جمال عبدالناصر والمطربة أم كلثوم وصوت العرب”. النقلة الثانية هي انتشار الفضائيات، وقد تحوّل الناس فيها من الاستماع إلى المشاهدة، فتحوّل من المشهد الكتابي إلى المشاهد”.
قلتُ: يربط شمام بين تحولات المجتمع الثقافية وبين تأثيرها على مستوى وعيهم بالإعلام وتعاملهم معه. لا يضع من الإعلام وسيلة لإصلاح الأمم، وإنما يرى فيها امتداداً لوعي الأمة وثقافتها وإدراكها. وعظمة البرامج لديه ليست في مدى ما تحمله من صرخات ضد الحكومات والجيوش، وإنما بما تحققه من إدهاش واسترخاء للمشاهد واستمتاع.
قال أبو عبدالله غفر الله له: وكان لتبني شمام مجلتي “النيوزويك” و”فورين بولسي” أكبر الأثر في ارتباط اسم شمام بالنخبة العربية الباحثة عن الرؤية المركّزة والمبسلة في تلك المجلات. وللأسف فإن انقطاعهما كان مؤثراً ومحزناً، حيث إن تلك المجلات كانت من النوافذ الصغيرة التي كنا نشاهد من خلال وجهات نظرٍ أخرى غير معتادة.