سادت خلال سنوات طويلة حالة الشد والجذب بين الصحافة وبين منبر الجمعة، تحت زعم مفاده أن الصحافة ضد خطباء الجمعة، وأن خطباء الجمعة ضد الصحافة، مع أن الصحافة تتكامل مع منبر الجمعة ولا تتنافى، فلو قدّر أن خطيب جمعة ظلم زوراً وبهتاناً فإن الصحافة ستقف إلى صفه وستكون مدافعة عنه، وملاذاً لكل المظلومين، فهي سلطة للمجتمع وليست ضد مقدسات وثوابت الناس.
من المفارقات أننا بين نموذجين من الخطباء، خطيب يشتم الكتّاب، وخطيبٍ آخر يدافع عن الصحافة ويعتبرها صوت المجتمع وضميره الضاغط الذي يشجع على النقد الهادف. سأقف مع النموذج الثاني الذي يمثله الشيخ: وطبان التمياط الذي أورد اسم زميلين في خطبة الجمعة وهما صالح الشيحي ومحمد الرطيان، وطالبهما بحكم أنهما صوت الشمال في الصحافة السعودية بإيصال معاناة أفراد الحرس الوطني من أهالي المحافظة التي تتمثل بنقل كتيبة الحرس الوطني برفحاء إلى منطقة القصيم، مشيراً في ذلك إلى معاناة الأفراد بنقلهم من مدينتهم وبعدهم عن أهلهم ومساكنهم وما يكلفه ذلك من مصاريف مالية قد تعسرهم وتثقل كاهلهم. كما جاء في خبر “الوطن”.
الوطبان يقول: “إن مخاطبته للصحافة في خطبة الجمعة، جاءت من إيمانه بدور الصحافة في المجتمع، مؤكداً أنه لا يجد حرجاً بالاستنجاد بها في خطبة جمعة على الملأ”. وهذا يؤكد على أن المنبر ليس ضد الصحافة وأن الصحافة ليست ضد منابر الجمعة. ها هي الصحف تنقل ملخصات لخطبة سماحة المفتي، ولخطب الحرمين الشريفين وتجد صدى لدى القراء، لكن البعض يحاول أن يستغل المنبر لتهييج المصلّين ضد كاتبٍ قام هو بتصنيفه ضمن تيارٍ ثم أخذ يصبّ عليه جامّ الشتم والغضب والتشهير.
قال أبو عبد الله غفر الله له: آمل من الخطباء أن يزوروا فروع الصحف في مناطقهم وأن يقفوا على العمل الصحفي بأنفسهم، ليست هناك مؤامرات أو دسائس وإنما آراء هي اجتهادات يظنّ كل فرد أنها لصالح المجتمع عامةً، ومهما اختلفنا في الطريقة التي ننتقد من خلالها سوءات الفكر الديني أو تصرفات المتشددين فإن ما يجمعنا هو الحرص على تصفية المجتمع بكل أطرافه من المظالم والمثالب، هذه هي مهمة الصحافة.
شكراً للشيخ وطبان على هذه المبادرة النادرة والجميلة التي تعكس روحه الوطنية.