أستطيع القول إن معظم المصنفين على أنهم من النخب العربية، سواء كان هذا التصنيف لهم بحق أم بظلم وعدوان، لديهم مشكلة حقيقية مع النجاح، والانتشار، والوصول إلى عامة الناس.
إنهم يمارسون في اللاوعي هجوماً شرساً وغير مبرر في أغلب الأحيان ضد الأشخاص الجماهيريين، أو الاعمال الجماهيرية، متخذين من السطحية وعدم العمق أحياناً أو ضعف القيمة الفكرية أحياناً أخرى مبررات لهجومهم الشرس.
أعتقد جازماً أن هؤلاء يعانون من عدم قدرتهم على الوصول إلى الناس، وبالتالي فإن من يصل إلى الناس من خلال ما يقدم، يوقظ لديهم الإحساس بالنقص، ويحرّك شعورهم بالعقدة.
أقول ذلك وأضرب مثلين أعلم أن مجرد سوقهما معاً قد يجلب الاستغراب لدى البعض وربما إساءة الظن لدى البعض الآخر. فأما المثال الأول فهو كتاب (لاتحزن) للشيخ عائض القرني الذي شكلت مبيعاته سابقة في تاريخ الكتاب العربي حيث باع أكثر من مليون نسخة. ولم يشفع له هذا الرقم الفلكي ليَسلم من سهام النقد، بدعوى السطحية والبساطة وعدم العمق! مليون ونصف مليون شخص اشتروا الكتاب، واستمتعوا به، لكنهم في نظر هؤلاء سطحيون لا يعرفون ماهية المتعة الحقيقية التي يجب ان تكون في كتب هؤلاء النقاد التي لا تباع إلا فرضاً على طلاب الجامعات أو لأن المؤلف هو من يشتريها ليهديها إلى ثلة من معارفه النخبويين!
أما المثال الثاني فهو رواية (بنات الرياض) أول رواية للطبيبة السعودية رجاء الصانع والتي نفدت طبعتها الأولى من السوق خلال أقل من شهرين، مع أن الطبعة الأولى لم تفسح في السعودية. وانهالت سهام نقد النخبويين على الرواية، وتواصل استغرابهم من انتشارها وذيوع الحديث عنها وتواصل أناس معها قراءة، خاصة وأن كثيرين منهم لم يقرأوا كتاباً في حياتهم سوى (بنات الرياض).
الوصول إلى الناس، ولو كان هؤلاء الناس «بسطاء» في نظر هذه النخبة أو تلك، هو نجاح حقيقي عجزت النخب عن ملامسته، فلم تجد بداً من نقده، ربما سيراً على قاعدة شعبية قديمة تقول: يا عنب حامض!