يحاول البعض أن يقصر العبادات على الواجبات والفروض، متناسياً أن العبادة قد تكون في اليوميات التي يمارسها كل لحظة، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يقول “وفي بضع أحدكم صدقة”. اليوم يحارب بعض المتشددين عمل المرأة، مع أنها كانت عاملة منذ فجر التاريخ، ولم تكن أعمالها “عن بُعد” بل كانت تحرث الحقل، وتحلب البقرة، وتجلب الماء. ولم نقرأ في كتب التاريخ أن النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته أو من تبعهم قد وضعوا مدناً خاصة مصمتة مغلقة لعمل النساء. لكن الذي في ذهنه خيال سيئ يحاول أن يصمم الواقع بناء على خياله ذاك، وحاله كما قال المتنبي:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ** وصدّق ما يعتاده من توهّم!
سألني أحد الأصدقاء من الجنسية العربية، ما هي علة الثورة على عمل المرأة كاشيرة؟! هل تفعل أشياء أخرى غير أنها تأخذ العملة النقدية وتعيد للزبون الباقي والفاتورة؟!
فأجبته أبداً هذا هو عملها؛ لكنهم لا يريدونها أن تعمل، إن عمل المرأة كاشيرة عمل نظيف، مكشوف على الملأ، ليس في السراديب أو الأزقة، في المول أمام عشرات المتسوقين، آمنةً مطمئنة، وما يأتيها من مضايقات فهناك أمن، وحرس حدود، وجيش، وقوات الدفاع المدني، وأمن الطرق أيضاً، يعني لسنا في غابة مترامية الأطراف، هناك أنظمة وقوانين هي التي تحمي المرأة، ولم يكن التقوقع يوماً هو الحامي، بل القانون والنظام هو ما يحمي المرأة من التحرش.
المخرجة السعودية: هناء صالح الفاسي أطلقت حملة “العمل عبادة”، والتي تدعو إلى دعم عمل المرأة السعودية في شتى المجالات تحت ضوابط اجتماعية وشرعية. تزامن مع الحملة فيلم إرشادي قصير يهدف للتعريف بأهمية عمل المرأة السعودية. تقول المخرجة “إن الفكرة بدأت بحملة عن العمل بشكل عام لإحدى الشركات، وكان الموضوع يتلخص في وظيفة محاسبات السوبر ماركت أو (الكاشيرات) التي أحيطت بضجة إعلامية كبيرة في الفترة الأخيرة، في تلك الفترة اقترحت على زملائي أن تكون الحملة مقسمة إلى جزأين؛ عمل المرأة، وعمل الرجل، وكيفية مساندة كل منهما بمعالجة مختلفة؛ إلا أن الشركة عدلت عن الفكرة، وألغت الموضوع، فقررنا أن تكون الحملة بمبادرة منا”.
نعم… عمل المرأة عبادة، أن تعمل تحت الشمس بوضوح في أعمالٍ نظيفة، مهما ادعى البعض أن عملها في التمريض أو الطبابة أو الكاشيرة أو الجامعة أو المدرسة فيه خروج وتبرج، أن تعمل المرأة لإطعام نفسها وأولادها، هذا هو الرقي بعينه!