ذكرى الاتحاد الإماراتي ارتبطت بعيدية وهدية، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله اختار أن تكون في هذه الذكرى عيدية من كريم، ومن رئيسٍ حكيم. عيدية تمس حياة كل المواطنين الإماراتيين، هذه المبادرة تبين مدى أبوية الحاكم، وهي خصلةٌ تأسست على يد الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، أن تكون العلاقة بين الحاكم وبين الشعب علاقة أبوة، لا علاقة سلطة. حين يخطئ بعض الأبناء يجازوْن، وكثيراً ما يصدر عفوه الأبوي عنهم. الشيخ خليفة أبهج الإماراتيين بهذه العيدية التي نعيشها كلنا بكل مشاعرنا، فنحن الخليجيين نعتبر الإمارات لنا وطناً. جاءني هاجس مقارنةٍ عجيبة، كيف أن حكمة الحاكم وخلقه يصنعان حب الشعب. إذا كانت بعض الدول البوليسية ترهب الناس وتلزمهم على وضع صور الزعيم في السيارات وفي المحال، فإن الإمارات لم تفعل شيئاً من هذا، ومع ذلك نرى في مثل هذه المناسبات الإماراتيين والبريطانيين والصينيين الساكنين في هذا البلد يرفعون صور الشيخ خليفة، والأعلام الإماراتية، يقتنون الأعلام ويلونون السيارات ويزينون بها أدواتهم ووسائل نقلهم. وحين يسمع من في الداخل أو في الخارج بعيدية الشيخ خليفة للمواطنين يعلم أن الحب ليس شيئاً يمكن أن يفرض بالسلاح كما تفعل الدول البوليسية التي تعاني الآن ما تعاني. حب الإمارات ليس أمراً مرتبطاً بالإماراتيين، وهذا ربما يدركه من يعرف عاطفة الخليجيين معها. والعاطفة يمكن قياسها بالسياحة، من عادة الإنسان -مثلاً-أنه وبعد عناء العمل ومجيء فرصة إجازةٍ ثمينة لن يبددها إلا في بلدٍ يحبه، ومجيء السعوديين خاصةً والخليجيين عامةً إلى الإمارات لا يعني إلا الحب المطلق الذي لا ينازعه شك، لأنهم يسترخون في فنادق أبوظبي أو دبي أو الشارقة أو عجمان أو غيرها من الإمارات، يستمتعون بالخيارات المتاحة، بالحرية الجميلة، بالمولات والأسواق بالأنظمة المنضبطة، وفوق كل ذلك بالشعب الإماراتي البشوش، تأتي إلى الفرد الإماراتي يقابلك بخلق وأدب، حتى ليصح فيه قول المتنبي: تراه إذا ما جئته متهللاً ** كأنك تعطيه الذي أنت سائله! الزميلة في قناة العربية “مايا حجيج” كتبت على صفحتها بتويتر أنها عاشت وتعلمت وهي الآن تعمل في الإمارات، وأنها حين كانت تتعلم كانت لبنان تعاني من ويلات الحرب، فبينما تتعلم هي هنا تعاني الفتيات هناك! هذه المشاعر الوفية من الذين أحبوا هذه الأرض ونموا فيها علماً وعملاً لا يمكن إلا أن تكون بسبب سرٍ حكيم، السر الذي وضعه الشيخ زايد رحمه الله، وهو “الروح” أن تكون الإمارات متصلةً بالناس روحياً، حيث يلوذون بها سياحةً واستجماماً، أو عملاً وحرثاً، أو سكناً وتجارةً، لهذا يرتبط بها الإنسان وتكون وطنه الذي هو صنو وطنه الأصلي، بل تكون وطناً موازياً للوطن الأول ومكملاً له. في هذا العيد الاتحادي تزداد العلاقة الأبوية بين الناس وبين قادتهم، وأتمنى أن تكون الأبوية بين الحكام والشعوب الأسلوب المعمول به في المنطقة، لقد عانت الشعوب من الحكومات التي جاءت من انقلابات عسكرية أو عبر قوى استخباراتية، وآن أوان قرب الشعوب من حكامهم، ولنا في الإمارات عبرة ودرس! وأيُّ درس، من يتخيل أن الشعب الإماراتي يخص جزءاً من أدعيته للشيخ زايد رحمه الله وللشيخ خليفة حفظه الله، وما هذا الدعاء إلا التعبير الشعبي الاجتماعي الصادق عن الحب. هذا هو عيد الإمارات “روح الخليج”، رقصَ الأطفال، وزغردتَ النساء، وهتفَ الرجال بالقصائد والأغاني، وكانت عيدية الشيخ خليفة خير حلوى تزيّن طقوس هذا العيد الخالد والتاريخي والساكن في وجدان كل الإماراتيين. حفظ الله هذه الأرض ووفق حكامها وحفظ شعبها.
جميع الحقوق محفوظة 2019