“إذا تنحيتُ عن السلطة فسيأتي الإخوان المسلمون”، هذه هي رؤية الرئيس المصري للحالة السياسية والاجتماعية المصرية. نسي الرئيس أن الإخوان اتفقنا أو اختلفنا معهم هم جزء من الشعب وصل تمثيلهم في مجلس الشعب إلى 88 نائباً، يعني هم جزء من النسيج الاجتماعي ولا يمكن استئصالهم، وإذا وصل الإخوان إلى السلطة سيجربهم الشعب وفي حال فشلهم يأتي الله بقومٍ آخرين من خلال رؤية شعب ينتقد ويعترض ولديه آلية ومنهجية سياسية لتصحيح الأخطاء باستمرار.
الرئيس الذي سيأتي بعد رحيل مبارك في سبتمبر بنهاية ولايته، أو قريباً عبر استقالته لن يمكث على الكرسي طويلاً كما مكث الرئيس، فقد انتهى عصرات الرئاسة الأبدية، كما أشار عبدالرحمن الراشد، وتداول السلطة السلمي والتعديلات الدستورية التي ستتم ستحقق حماية الكرسي من الاحتكار، وهذه الإصلاحات هي صمام الأمان للديموقراطية المصرية، وفي حال وصل الإخوان ثم فشلوا بإمكان الشعب أن يعرف تلك التجربة وأن يبني على أساسها تغييراً من خلال الوسائل الديموقراطية والانتخابية.
فزاعة الإسلاميين أو الإخوان استخدمت من قبل بعض الأنظمة لترهيب الغرب ولكسب صوت الشعب، وإبقاء قوانين الطوارئ والمبالغة في تضخيم أخطار بعض التنظيمات الإسلامية أساءت إلى الإصلاح الاجتماعي والسياسي وساهمت في تأخيره وربما تأجيله إلى وقتٍ غير مسمى، كما حدث في مصر أو تونس أو الجزائر أو سورية. بل لعلي أضيف أن هذه السياسة زادت شعبية الإخوان عندما قدمتهم في دور الضحية، وهم كذلك أحياناً، وكلنا يعرف أن المعارضة تجيد الانتقاد، لكنها إذا انتقلت إلى خانة السلطة، كثيراً ما تضرب أخماساً بأسداس.
إذا كان الإخوان سيصلون إلى السلطة مستفيدين من التجربة الإسلامية التركية عبر الانفتاح والاهتمام بالحوار والتمسك بحقوق المرأة، وفتح المجال للحريات الشخصية والانفتاح على العصر والعالم فسيكونون بالتأكيد أفضل من الأنظمة التي تقمع الشعوب تحت فزاعة حماية الأوطان من الإسلاميين، ثم لا يصلحون ولا هم يصدقون. هذه هي المشكلة أيها السادة، المجتمع المصري مجتمع متدين بالتأكيد لن يقبل بأتاتورك يحكمه، سينتخب من يمثله من صميم ثقافته ومن صميم انفتاحه.
آن أوان التخفيف من استخدام الإسلاميين أو الإخوان كفزاعة يراد منها فرض قوانين الطوارئ، أو تأخير الإصلاح، ووأد المبادرات الديموقراطية، لتقف تلك المبالغات المملة والتي أضحت غير مجدية في ملة المجتمعات والشعوب، وإذا كان التنظيم شيوعياً أو إسلامياً أو علمانياً أو أياً كان اتجاهه ملتزماً بالطرق الديموقراطية وبالقانون، ولم يقدم نفسه على أنه الحق المطلق، ولم يدخل مجال العنف والإرهاب والقتل فإنه جزء من الحركة السياسية في المجتمع.. هذه رؤيتي.. والعلم عند الله.