أستطيع أن أقول جازماً أنه برغم العولمة والتواصل التقني والحضاري، فإن الغرب لا يفهمنا أبداً. التقارير الغربية التي أقرأها أو أقرأ شيئاً من ترجماتها، ليست تقارير مكتوبة في صحف حائطية، ولا صحف فضائحية، بل معظمها منشور في صحف محترمة مهنياً، وجذورها الصحافية ضاربة أطنابها في الجذور، لكن التقارير المكتوبة في هذه الصحف تتحدث عن حقائق يقينية نعلم جيداً نحن أبناء البلاد أن معظمها لا مكان له على أرض الواقع، أو أن قراءتهم للحدث تبالغ في تصوير ذيوله.
كل الردود الإعلامية والصحافية على هذه التقارير ليست ذات جدوى، لأن شيئاً لا يفعل فعل واقع يحصل على الأرض، فيحيل ما كتب إلى سراب بقيعة حسبه الظمآن ماء، فلما جاءه لم يجده شيئاً!.
سجلوا معي:
تقارير كانت تتحدث عن علاقة وثيقة للسعودية بالغرب، وأن الرياض لا تحيد قيد أنملة عن رأي واشنطن. وأن هذه السياسة تجد رعاية من الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، ثم رأينا في العام 1988 كيف أبرمت السعودية صفقة صواريخ مع الصين، ما استدعى طلب السفير الاميركي في الرياض في إشارة احتجاجية على الصفقة بأن يفتش الصواريخ التي كانت قد ابرمت صفقتها سراً ثم ظهر الخبر للعلن.
كان رد الفهد، الذي تقول التقارير الصحافية الغربية أنه الاكثر ميلاً للغرب، يدحض تقاريرهم، فقرر اتخاذ موقف ضد السفير الأميركي، فعلاقات الرياض وواشنطن استراتيجية، لكن السعودية دولة مستقلة تتخذ قراراتها بناء على مصالحها هي لا مصالح غيرها.
قالوا إن ولي العهد (آنذاك) الملك عبدالله بن عبدالعزيز، عندما تولى بتكليف من شقيقه الراحل في منتصف التسعينات، هو رجل عروبي يحمل أفكاراً معادية للغرب، فرأينا عبدالله بن عبدالعزيز قبل أن يكون ملكاً يطوف العالم كله شرقاً وغرباً، ويعامل بروتكولياً معاملة الملوك، ويستقبله بحفاوة الزعماء والرؤساء، وكان آخر ذلك ما حدث في دالاس قبل بضعة اشهر، عندما كانت تسريبات تغشى الإعلام الغربي، بأن واشنطن ستكون حاسمة مع الرياض، في مسائل عديدة، لكننا شاهدنا الرئيس الأميركي جورج بوش يسير بضيفه في مزرعته التي لم يقابل بها الا رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. بوش كان استضاف عبدالله في المزرعة مرة سابقة، وكان يتعامل معه بحميمية انعكست على البيان الختامي للزيارة، الذي كان مختلفاً عن البيانات الختامية التي اعتادت عليها السياسة الاميركية!.
قالوا إن وفاة الملك فهد ستوقد نيران الفتنة، فرأينا البيعة تتم للملك عبدالله بعد أقل من ساعة من وفاة الملك الراحل، وبالاجماع من قبل العائلة المالكة، كما قال الأمير مشعل بن عبدالعزيز في قناة العربية.
ولن تنتهي أقوالهم، لا لشيء، إلا لأنهم لا يفهموننا، ولا يعرفون كيف نعيش، ولذلك سيبقون يقولون، ويبقى في السعودية من يواصل المسيرة.