أظنّ أن هذه السنة التي نوشك على توديعها 2011 هي أكثر السنوات التي تكررت فيها كلمات مثل:”التغيير، الديموقراطية، الثورة”! لكن حين نفحص الكلمات الماضية نجدها عامة، وفيها الكثير من العموميات، بمعنى أننا يمكن أن نسأل: أي تغيير؟ أي ديموقراطية؟ أي ثورة؟ وإذا أخذنا كلمة: “تغيير” ربما نفاجأ بأن التغيير لا يبدأ من فوق بل من أسفل. التغيير الذي يأتي من أعلى لا يستقر، لأنه بلا جذور. الذي حدث في العراق خير مثال، جاء التغيير من فوق، لكن الجذور كما هي، فصار المجتمع يتصارع بين نموذجين، النموذج الأميركي، والجذور العراقية بكل ما فيها من سلبيات وإيجابيات.
من جهةٍ أخرى، فإن التغيير حتى يكون له جذور لابد أن يبدأ من الأفراد. وغاندي كان يقول: “كن أنت التغيير الذي تريده للعالم”. لا يمكن للتغيير أن يوزع من خلال أشرطة أو برامج أو قنوات، هذه مؤثرات، لكن التغيير يبدأ من الفرد، أن يعيش الفرد قصة التغيير.
إذا أراد المجتمع أن يتغير فإنه لن يتغير من خلال شكلياتٍ عادية، بل عبر تغيير كل فردٍ لنفسه. ماذا لو وضع الإنسان برنامجاً دورياً لتغيير نفسه وتدريبها مثلاً:
-أن يستمع إلى الآخر، ويتفهمه، وإذا أعجبه من شيء يثني عليه.
-أن يقرأ عن المختلفين مذهباً وديناً وفكراً وأن يكون موضوعياً في نقده واطلاعه.
-أن يبدأ بنفسه ليكون موضع التغيير ومختبر النظريات التي يطرحها.
-أن يحرص على كتابة الدروس المستفادة حتى من ألد الأعداء “إسرائيل مثلاً”.
بهذه المحاولات يمكن للإنسان أن يجعل من نفسه موضع التغيير، حتى لا يكون التغيير شكلياً.
من دون جعل الفرد أساساً للتغيير لا يمكن أن يكون التغيير، لأن التغيير لا يأتي جميعاً، بل يأتي بخطوات متتابعة مدروسة: “تغيير التعليم، تغيير الإدارة، تغيير الأفكار” وهكذا. حينها يكون التغيير نابعاً من الأرض ويسير بخطوات، وليس قادماً من أعلى عبر تغييرات شاملة مفاجئة صادمة.
قال أبو عبدالله غفر الله له: لنكن نحن التغيير الذي نريده للعالم، إذا عشق الإنسان فكرةً فعليه أن يمتثلها، وألا يكون داعيةً لفكرةٍ وهو لا يطبقها، فقط يطالب الناس بتطبيقها! هذا هو الفرق بين التغيير من فوق والتغيير من الجذور.