أقبل الشهر الكريم زائرا جميلاً علينا.. وغني عن الكتابة كما القول الحديث عن تعلق القلوب بهذا الشهر المليء بالنفحات، العابق بالروحانية، المحفوف بالألفة والتواصل…
وما دام الحديث عن التعلق برمضان، فإن في لب هذا التعلق، الإيمان بتصرم أيامه، وسرعة انقضائها.
ولا زلت أذكر جدتي رحمها الله عندما زرتها في ثاني أيام الشهر، وجلست إلى جانب مصلاها انتظر أن تفرغ من نافلة ما بعد الظهر، وبعد أن باركت لها دخول الشهر الفضيل، أصدرت رحمها الله تنهيدة من أعماق أعماقها، واتبعتها بقولها: قضى الله يشرفه. والضمير بطبيعة الحال عائد على رمضان، والمقصود بقولها قضى، أي انه أوشك على الانتهاء وازف على الرحيل، وشارفت أيامه على نهايتها. اطرقت لحظات أتأمل الحديث، فجدتي رغم سنينها المتقادمة، إلا أنها تعي ما تقوله آنذاك، ونحن في نهار اليوم الثاني من رمضان، وقد بقي على الشهر 27 يوماً في أسوء الأحوال، وربما اصبحت 28 يوماً بلياليها، ليلة تنطح يوماً ويوم يتبع ليلة!.
وقبل أن ابدي تحفظي على التعليق الذي قالته رحمها الله، تذكرت ان تعليقي سيجرنا إلى الحديث عن اشكالية كل جيل في النظر إلى الجيل الآخر، فأطرقت بعد ان اومأت برأسي للدلالة على أني أؤيد ما قالته من التحسر على رمضان الذي انتهى وقد بقي منه 28 يوماً.
انها النسبية في اوضح صورها…
لا زلت اتمنى ان اقول: قضى الله يشرفه، ولو بعد مرور نصف الشهر…
وكل عام وانتم بخير، واعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركات اعواماً مديدة وازمنة عديدة.