أعظم اللحظات في أية مباراة رياضية -بالذات في كرة القدم – اللحظة الحاسمة التي يسدد فيها اللاعب كرته لتعانق شباك المرمى. حينها تضج الجماهير احتفالاً بالهدف، ويلاحقه زملاؤه على أطراف الملعب محتفلين معه بهذا الإنجاز العظيم. لدى كل لاعبٍ طريقته في الاحتفال؛ منهم من يعبر عن ذلك بخاتمٍ يذكره بخطيبته، وبعضهم يتوج هدفه بالركض ورسم الاحتفال عبر حركةٍ من خلال يده أو جسده، أو إن كان برازيلياً فإنه سيرقص “السامبا” حتماً. أجمل ما في الفريق أن يحتفلوا معاً ساعة الهدف، في تعبير عن أهمية الجماعية. في لحظة الهدف تنتهي المنافسات الضيقة وتحضر متعة نصرة اللون، لون الفريق الذي يدافع عنه كل لاعب، من المهاجمين مروراً بالمدافعين، وليس نهاية بالحارس!
لحظات الاحتفال تلك تعبر عن الإنجاز، أن يجتهد الفريق طوال دقائق اللعب من أجل إيصال الكرة، إلى مرمى الخصم. بعض المباريات يتابعها مئات الملايين من الباحثين عن المتعة والمنافسة والتشويق، وحين ينتصر الفريق المفضل ينام أنصاره وقد علت وجوههم الابتسامات والضحكات، وتبادلوا التبريكات، وينام خصومهم وقد أصيبوا بنكسة الخسارة، وقد تجرعوا مرارتها، مع أن الأغلبية الساحقة من الجماهير لا ينالون من الفريق ديناراً ولا درهماً، بل إنهم يدفعون مقابل ميولهم، ولا يحصلون في المقابل إلا متعة الانتصار، إن تحقق. لكنه الولاء المطلق لفريقٍ أحبوه، إما للونه، أو للاعبين الذين يضمهم الفريق، أو لأمرٍ لا يعلمونه وهو الأغلب.
فلو سألت أي مشجع: لماذا تشجع هذا الفريق دون غيره فسيتحدث بكلامٍ كثير ليس من محتواه السبب الفعلي للتشجيع، ذلك أن التشجيع “مسألة غامضة”، ربما عاش في بيتٍ يعشق السماء فشجّع الهلال، أو في بيتٍ أصفر فشجّع النصر، أو تربى في أجواء اتحادية، فعشق الإتي، أو اشتد عوده أخضر فكان أهلاوياً وهكذا . الأسباب مجهولة، لكن النتائج معلومة. هناك فريق يراد فوزه، وآخر يطمح المشجع بكل ما أوتي من حماسةٍ أن ينهزم!
قال أبو عبدالله غفر الله له: وأجمل ما تنبئنا به الرياضة، حالة “روح الفريق” والتي تتجلى بعد تسجيل الهدف، تلك اللحظة هي التي تسحر المتابعين، عندما يتحرر كل لاعبٍ من رمزية موقعه، ويقصد من سجل فيحتفي به، حتى وإن كان حارساً، وذلك لسببٍ بسيط أن كل الفريق لهم دور أساسي في تسجيل ذلك الهدف. تلك هي الروح العظيمة أيها السادة. إنها “روح الفريق”!