“كن داعياً” هذا هو اسم المعرض الدعوي الذي تعقده وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في السعودية، وهو معرض ينشر الدعوة إلى الله، ويبث قيم الدعوة والتبشير بالإسلام، لكن تكراره بشكلٍ سنوي أشعر أن فيه مبالغة. من المفترض أن تنوّع وزارة الشؤون الإسلامية في أنشطتها ومعارضها، بحيث يكون لكل سنة موضوع من موضوعات المعارض. لكن تكرار المعرض وتكرار نفس الأفكار هو الخطأ بعينه. من الضروري أن تنفتح الوزارة على مجالاتٍ أخرى.
ما الذي يضر الوزارة لو وضعت لسنةٍ من السنوات عنوان “كن نظيفاً” وفي السنة التالية “كن مواطناً” وفي السنة الثالثة “كن كريما” وفي السنة الرابعة “كن صادقاً”، لأن تكرار “كن داعياً” فيه مبالغة في تكريس التكرار، حتى إن المعرض عزفت عن تغطيته بعض الصحف لأنه صار روتيناً سنوياً، ولم يدخل في عمق التأثير المدني على المجتمع، وعلى الشارع، لم تهتم هذه المعارض بنشر القيم الضرورية التي تفتقدها المساجد، مثل النظافة، والهدوء، والتسامح، والمحبة بين المختلفين والمتنوعين جنساً وعرقاً وطائفةً ولوناً.
الجديد في المعرض الأخير أن الوزارة أولت “الإرهاب” جزءاً من الاهتمام بوصفه موضوع الساعة وربما الساعات القادمة، حيث وزعت مطبوعات عن مخاطر الإرهاب، وتحذر منه، وكيفية مواجهته والتصدي له، ومناقشة أصحاب الفكر المنحرف. الأستاذ: سلمان العمري المشرف على المعرض يقول:” إن بذور هذا الفكر الضال المنحرف نبتت في غفلة منا في جحور مظلمة، وأثمرت شجرتها الخبيثة خطرا عظيما، فجّر عقول بعض أبنائنا قبل أن تنفجر قنابله لتحصد الأبرياء، وتروع الآمنين، وتهدر الثروات، وقبل ذلك وبعده تعطي أعداء الإسلام مزيدا من المبررات لإلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام، لتعطيل مناشط الدعوة إليه، وتنفير الناس منه، بل واستعداء العالم ضد المسلمين في كل مكان ذهبوا إليه”.
قال أبو عبدالله غفر الله له: نعلم جيداً أن الإرهاب موضوع خطير، لكن هناك ما هو أخطر من الإرهاب الحركي، وأعني به “الإرهاب الأخلاقي” وأحسب أن المسجد هو ميدان الإصلاح الأول، وهو المكان الصحيح الذي يمكننا من خلاله الإرهاب الحركي والإرهاب الأخلاقي، وأعنف ملامح الإرهاب الأخلاقي نعثر عليها في سوء نظافة المساجد، وفي ضعف الوعي في استخدام ممتلكات المسجد، وفي طريقة التعامل بين المؤذن والإمام وجماعة المسجد. من هذه الأشياء البسيطة نصل إلى المجتمع الذي رسّخ قيمة “كن مواطناً”.