أخطر ما يجري في منطقتنا اليوم ظاهرة “تفجير الكنائس”!
المسيحيون شكلوا جزءاً أساسياً من تاريخ المنطقة، ولهم إسهامات كبيرة في الحفاظ على اللغة العربية وفي المشاركة في التنمية. وإن اختلفنا معهم في الدين فإن الاختلاف في الدين ليس مبرراً للقتل. كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعايش ويتعامل مع المختلفين ديناً، وفي الصحيح أنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي. فاختلاف الدين لا يبرر الاعتداء على كرامة الإنسان أو انتهاك حقوقه وخاصةٍ حقه في الحياة. رأيتُ التسامح والتعايش بين المسيحيين والمسلمين وقرأتُ عنه في مصر والعراق ولبنان والسودان، واليوم تعود الثنائيات الخطيرة: “سنة، شيعة” و “مسلمين، مسيحيين”، لتطل برأسها الكريه، وكأنما خلق الله الناس على ملة واحدة أو صنف واحد!
تفجير كنيسة في العراق ثم كنيسة في الأسكندرية، ضحايا تطايرت أشلاؤهم بكل وحشية ودموية. لم يتمالك المذيع محمود سعد على القناة المصرية نفسه من البكاء، ومعه الحق، من رأى الصور التي عرضت على القنوات سيصاب بخيبة أمل كبيرة لا يمكن أن تتدارك إلا بإطالة الصبر والعمل. عشر سنوات من مكافحة الإرهاب العالمي ومحاصرة تنظيم القاعدة لكن ينفذ الشر بقوة ويضرب ضرباتٍ موجعة بين الفينة والأخرى. ومن أصعب الأشياء على الأمن أن تحاول حصار “الانتحاري” فهو أصلاً ميّت، ولا يريد أن ينجو بنفسه حتى تلحق به وتقطع دابره.
محبتي لمصر والشعب المصري لا يحدها حد، لهذا حاولت أن أطلع على ردود الفعل بعد ذلك الحدث الأليم، وجدت تعابير شعرية من المواطنين المصريين العاديين، منهم من يقترح أن يصلي المسلمون مع المسيحيين في الكنائس لفترة حتى يزول الخطر أو يخف، ويا ليت المصريين يعودون إلى مشاهد التعايش التي ضمها فيلم: “حسن ومرقص”، والذي يحكي عن أزمة العلاقة بين المسلمين والأقباط في مصر. أحد المواطنين المصريين قال: “كلنا أقباط، لكن هناك أقباطا مسلمين وأقباطا مسيحيين”.
الداعية المصري: خالد الجندي طالب بخطاب متسامح، وربط بين الإرهاب والخطاب الديني المتطرف، وأتفق معه في هذا الطرح، لكن أحب أن أذكره بأن المشاركين في التأزم كل المتطرفين في الديانتين، وأتمنى منه هو ومن كل الدعاة رسم لغة جديدة للتعايش بين المسلمين أنفسهم أولاً ثم بين المسلمين مع المسيحيين ثانياً. ليست صدفة أن تشتكي الحكومات في لبنان والعراق من تزايد “هجرة المسيحيين”، فلنطرح التعايش عملاً كما طرحناه كلاماً وقولاً!