لا زلت أذكر أن صديقاً فاضلاً كان يقول إن استحضار الأثر الإيجابي لأي فعل تقوم به، خلال ممارسة العمل، يزيدك قناعة بأهمية العمل، ويجعلك تستمتع به كثيراً.
كتبت الأربعاء الماضي عن نماذج ايجابية في مجتمعنا وقلت أنالوجوه الجميلة في مجتمعنا كثيرة، وإن الحديث عن الجمال يجعلنا نستمتع به أكثر ونرفل به من حولنا.
لكن الذي لفت نظري تعليق أحد القراء على المقال فهو قال: «ما أجمل الحديث عن الجمال والإشراق والمطر… ولكن هل تسعفنا الظروف والأجواء لذلك ، لنتخيل وفي حالة استرخاء وتغميضة عين أن العالم بلا بوش ومن خلفه من الجدد وبلا إرهاب… عندئذ سنرى الجمال أين ما ولينا وجوهنا شطره».
ومع فرحتي بتفاعل الأخ العزيز مع المقال تعليقاً، ومع تقديري الكامل لرأيه إلا أنني أختلف معه تماماً.
فلو أن روح الاستمتاع بالجمال تموت مع الواقع السيئ لما بقي للجمال أثر في هذه الخليقة.
فكم من الأرواح أزهقت وكم من ألوية الحروب عقدت، وكم من الدماء سالت هنا وهناك، وكم من الشريرين والسيئين مروا على ثرى هذه الأرض وتلك، وكان على مقربة من ذلك كله من يتأمل الجمال ويتنفسه ويعيشه.
إن عظمة الإنسان يا صديقي أنه قادر على التجدد، والإيجابيون هم من ينظرون إلى الجزء الممتلئ من الكأس لا الجزء الفارغ من ذات الكأس.
لو كانت يا صديقي الحياة وجهاً واحداً لمللناها، ولذلك فالمتعة بالجمال تزداد بالنظر إلى عكسه. وقديماً قالت العرب:
والضد يظهر حسنه الضد
وبضدها تتميز الأشياء