القضية لا تستحق! هكذا يقول بعض المتابعين لموضوع المرأة عامةً في السعودية. ثم يبسّط القضية باستغفال: “إنها قضية قيادة امرأة للسيارة، لماذا لم يطالبن بالقضاء على البطالة بالتنمية بمحاربة الفساد؟”، يلمز النساء طبعاً، ولو صحّ كلامه بأن مسألة “قيادة المرأة للسيارة” ليست قضية فلماذا ثاروا هم عليها؟ لماذا يحرضون ضد التي قادت سيارتها بهدوء؟ ولماذا تجيش المنابر ضد فتاة سجينة لم ترتكب جرماً ولم تفجر في الوطن، ولم تنشر الكراهية والإرهاب؟ هذه هي الأسئلة المهمة، إذا كانت قيادة المرأة للسيارة مسألة هامشية فلماذا ضجّ المجتمع من أساسه حين قادت فتاة سيارتها؟ ولماذا ثار – أول من ثار- أولئك الذين يعتبرون القيادة مسألة هامشية ستجرّ الشرور تلو الشرور؟! حتى لو قادت المرأة سيارتها في السعودية فإن ملفّ حقوق المرأة لن يتم إقفاله، المقطع الصغير الذي نزل على اليوتيوب وشاهده أكثر من مليون خلال الأيام الأولى لا يلفتنا إلى موضوع القيادة فقط، بل يعطينا فكرة عامة وكبيرة وشاملة عن الوضع الذي تعيشه المرأة السعودية، عما تحت السطح، فهي في سيارتها وحدها أو مع أحد أقاربها أفضل من أن تكون وحيدةً مع السائق. أحد الفضلاء من الدعاة يقول إن المرأة لو قادت فإن الشباب سيتحرشون بهنّ، ونسي أن المرأة اليوم يقودها السائق في سيارة صغيرة وهي بعهدته، وما أقل السائقين الذين يحترمون مسؤولياتهم، وبخاصةٍ أنهم – كما قال الدكتور محمد آل زلفة- يأتون وبعضهم لديه سوابق في الإجرام من بعض الجنسيات المخربة والفاسدة والتي تعبث بالبيوت. إن أفضل وسيلة لإتمام وحراسة عفة المرأة أن تمنح حق قيادة السيارة، كما هو حال المرأة البحرينية والكويتية والإماراتية والقطرية، وكل دول العالم، حتى النساء الأفغانيات-وهذا ليس تقليلاً وإنما وصف لمرحلة ما بعد طالبان- بدأن يقدن سياراتهنّ بأنفسهنّ بكل سلامة ويسر.
قال أبو عبدالله غفر الله له: إن أي قضية تهم أي إنسان ليست قضية تافهة، ليس لدينا قضايا تافهة، كل مشاكلنا في وطننا مهمة وأساسية، وحين نعطي المرأة مجالها للحركة في الحياة فإننا ننتصر لإنسانيتها، ونعطي ربّة العائلة الثقة بعد أن جرحناها طويلاً بالشك، ونظرنا إليها فكرياً ووعظياً بأنها مكمن الفتنة، نعم… قضية القيادة للسيارة قضية أساسية ومهمة وليست ثانوية أو هامشية!