يوم العيد هو يوم نعتاد مجيئه كل سنة. اعتدنا على أن نقرأ مجيء العيد بشكلٍ زمني. فنتعامل معه كيومٍ يتكرركل سنة. نستقبل الأعياد عادةً “الفطر، والأضحى” بلبس الجديد، وإن كان عيد الأضحى تغلب عليه الشعائر، ويكون اللبس فيه أقلّ تكلفاً منه في عيد الفطر. تغيير المظاهر في الأعياد لا يعني أننا حققنا الهدف الأسمى من العيد. اليوم الذي يتكررعلينا كل سنة يضعنا أمام مرآةٍ زمنية، نرى من خلالها ذواتنا، نبصر فيها أنفسنا، وتوجب علينا أن نتأمل، هل من مسافةٍ إبداعية تقدمتُ فيها منذ عيد السنة الفائتة؟ هل تجددت علمياً وذهنياً وأخلاقياً منذ ذهاب عيد السنة الماضية وحتى مجيء هذا العيد.
العيد أسلوب تجدد، وهو طريقة لقراءة السنة الماضية، من الجيد أن نلبس الثياب الجديدة، وأن نعتني بالتقاليد المتعلقة بصلة الرحم، والتواصل مع الآخرين، لكن هذا ليس هو كل شيء، والبيت الذي طُحن من الاستشهاد بيت المتنبي ارتبط بالسؤال عن “حال العيد” والأفضل أن يسأل الفرد عن “حاله هو في العيد” لأن التفكير الأممي أحياناً، ينسي الإنسان فرديته، ويجعله يحاول أن يغير كوكب الأرض، ويلغي الرأسمالية، ويبدي ملاحظاته على الإمبريالية، وأزمات الديون اليونانية، والأزمة الاقتصادية العالمية، مع أنه يحتاج هو إلى تغيير ذاتي، فالتغيير الفردي هو بوابة التغيير الأممي، والعيد الذي يأتينا كل سنة فرصة مراجعةٍ ذاتيةٍ شاملة.
كان الناسُ في الأعياد قبل الخيرات التي عمّت البلاد يجدون فيها فرصةً للتكافل الاجتماعي، والتعاون الاقتصادي البيني، وهذا رائع، وأتمنى أن يستمر. في هذا العيد، عيد الأضحى، يمكن للإنسان أن يضيف عادةً جديدةً إلى عاداته، أن يذهب إلى قريبٍ هجره، أو أن ينفق مالاً على أسرةٍ عرفها لم تجد ما يكفيها من الكساء والغذاء، أوأن يطبع على عائلته فرحةً مختلفة، فالتجديد في العادات من بين أهداف العيد الجميلة التي لا يجب أن تذهب عن بالنا.
قال أبو عبدالله غفر الله له: هذا هو يوم الحج الأكبر، وهو يوم ارتبط بالتغيير الذي أحدثه النبي عليه السلام على أمة العرب، حين أخرجهم من ظلمات التهميش إلى نور الحضور، فهو يوم تاريخي، مرتبط بالتغيير والتجديد، فلتكن الأعياد فرصةً لتغييرالعادات، وكل عام وأنتم بخير، وعيدكم مبارك.