في 17 أكتوبر 2005 الموافق 14 رمضان 1426ه نشرت قصة سارة في هذه الزاوية.
قلت إن قصة سارة يندى لها الجبين. كانت سارة شابة سعودية قادها سلوكها الخير ومحبتها للمساهمة في مساعدة مجتمعها إلى الاتصال بدار الايتام، رغبة في التطوع، وباءت اتصالاتها المتوالية بالفشل، سمه ان شئت التنطيش. وقد كان التفاعل مع القصة كبيراً. اليوم انشر لكم ما كتبته ام عبدالله تعليقاً على ذاك المقال: «قبل ثلاثة اعوام من الآن وتحديداً في شهر رمضان المبارك حدثت نفسي بأنه لا بد من عمل شيء في هذا العيد مغاير لما ألفناه من رتابة الأعياد السابقة وتقليديتها. كنت للتو عائدة مع زوجي وأطفالي من الولايات المتحدة، وقد لاحظت أنهم قوم يحتفون ويحتفلون بأعيادهم بما يبقي طعم المناسبة في حلوقهم طويلاً. تأملت أعيادنا فوجدتها تقتصر على لبس الجديد».. وهذا نفعله حتى في غير الأعياد بحمد الله، ومعايدة الأهل، ونحن نعيش معهم معظم أوقاتنا. اذن ما الجديد الذي يمكنني ان اضفيه على عيدنا الذي أمرنا ديننا بأن نحتفي به؟!».
تواصل ام عبدالله: «اجتمعت مع أطفالي (ولدان وبنت أكبرهم لم يتجاوز السنوات الست) وقررنا أن نشتري هدايا وألعاباً ونهديدها لدار الأيتام وكنا نمني أنفسنا بأن نقوم بزيارتهم. كنت حريصة أن يمارس أطفالي بأنفسهم مباشرة تقديم الهدايا، ليحسوا بأثر هذا العمل في نفوسهم، وليتعلموا ان تقديم العون لعناصر أخرى في المجتمع ليست منة من أحد، بل هي ضمانة لمجتمع متكامل متكاتف نعيش فيه سوياً بمحبة. قلت لهم إن هذه الهدايا التي اكتضت بها إحدى غرف منزلنا إذا ما أعطيناها اخواننا الأيتام، فإن هذا يضمن لنا أن نشتري في العيد المقبل هدايا لنا نحن. سألوني كيف؟ قلت لهم ان بقاء المحرومين في مكان واحد مع الذين يرفلون بالنعم، ينزع المحبة من نفوس المحرومين تجاه غيرهم، والكراهية قاتلة. شرحت لهم ذلك بلغتهم. أردت أن يعي أطفالي نعمة الله عليهم بوجود أبوين، وان يساهموا في التخفيف خلال العيد عمن قدر الله عليهم ألا يحفلوا بأمهاتهم وآبائهم. كنا نعتقد ان هذا الأمر سيهذب أخلاقنا وأنفسنا أنا والأطفال. بدأت رحلة البحث عن الأرقام، وبعد جهد وصلت إلى رقم دار ترعى المراهقات فاتصلت غير مرة، وجاءني الجواب محبطاً، كانت المسؤولة تقول: «ما عندنا أحد يحتاج مساعدة. البنات عندهم كل شيء ولا نريدهم أن يختلطوا بأحد»!
تقول ام عبدالله:«كان الحلم الوردي الذي رسمته لهذا المشروع بتبخر على صدى كلمات المسؤولة». لا أدري لماذا تصورت السيدة المسؤولة تقول لأم عبدالله ما علينا قاصر!
تزيد الرسالة: «توجهت لدار رعاية الأيتام، وقلت بالتأكيد لن يكون لديهم مشكلة في المخالطة والاختلاط هذه المرة، ولم تكن النتيجة بخير من سابقتها.
كان الألم أن يتحول مصير هذه الألعاب التي حرصت أن اقنع أطفالي بأن اقتطع قيمتها من مصروفهم الشهري، وان الاقتطاع سيدوم لعشرة أشهر، لتغطية النفقات، سيكون غير ما رسمنا لها».
لم تنته رسالة ام عبدالله وسنكملها يوم الاثنين المقبل..
لكني أقول ايها السادة والسيدات، ايها الكرام والكريمات ان تطوعنا وتبرعنا ليس لأجل الآخرين فقط، بل كما قالت ام عبدالله، لنهذب به اخلاقنا وانفسنا، فأتيحوا لنا فرصة لنعين أنفسنا ولنحمي مجتمعاتنا.. وللحديث صلة.