لا يوجد دين ولا ملة ولا منطق ولا عقل يقول بأن من يحسن إليك، يجب ان تعتبره مغفلاً فتسيء إليه مقابل احسانه.
لم يقل بذلك إلاّ متأسلمو هذا الزمان الذين لم يجدوا لهم إلاّ بريطانيا لتحتضنهم باسم حق اللجوء لكنهم عضوا اليد التي امتدت إليهم بالاحسان، كما فعلوا مع أيد أخرى من قبل.
كان أبو حمزة المصري يقول انه يعتبر بريطانيا مثل المرحاض الذي يقضي فيه حاجته! وأقول أجل الله القراء.
أما عمر بكري الهارب من بريطانيا بعد ان تلقفته منذ الثمانينات فقد وصف انتحاريي عمليات لندن بأنهم «عظماء»، واعتبر أنه لن يدلي بأي معلومات عن مسلمين يخططون لأعمال تخريبية في لندن! مع ان بكري حصل على ما يوازي مليوني ريال كمخصصات اجتماعية في بريطانيا منذ 1986م (275 ألف جنيه استرليني)!.
المخصصات الاجتماعية التي حصل عليها بكري، ويحصل عليها إسلاميون في لندن يكيلون السباب للبريطانيين ليل نهار، لا يدفعها ابن لادن، ولا الظواهري ولا سليمان أبو غيث بل يدفعها المواطنون البريطانيون، الذين يسددون الضرائب بانتظام في بلادهم، حرصاً على رفاهيتهم والحفاظ على مجتمعهم الذي يسمح بالحريات.
هؤلاء ليسوا اتباع ديانات، بل هم اتباع شهوات وشبهات، وإلاّ فأنا اكتب مقالي هذا من لندن التي قدمت إليها قبل أيام أنا وأسرتي ورأيت فيها من المحجبات والمتبرقعات والمنقبات، بعد تفجيرات لندن في يوليو الماضي، ما جعلني أتصور أني أسير في شوارع عاصمة عربية!.
وتبث هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) فتعرب غالبية البريطانيين عن تأييدها فكرة التعددية الثقافية رغم الاعتداءات الإرهابية الأخيرة. وتقول نتائج استطلاع الرأي ان 62 في المئة من البريطانيين يرون ان التعددية الثقافية والدينية لم تفقد جدواها كوسيلة مناسبة توفر للجميع الحياة الكريمة مع بعضهم البعض. (الشرق الأوسط 12/8/2005م)، فمتى نوقف تمثيل هؤلاء النكرات لنا ولديانتنا وثقافتنا لدى الغرب؟ ومتى يعلو صوت يقول لهؤلاء بأنكم لا تمثلون إلاّ أنفسكم، وان ديننا وثقافتنا بريئان من نكرانكم للجميل، واساءاتكم باسم ديننا لكل يد تمتد إليكم؟!.
أما الإنجليز فيبدو لنا ان مترجماً أطلعهم على بيت أبي الطيب فظنوه يضطرد مع العرب جميعاً على الدوام عندما قال:
وما قتل الأحرار كالعفو عنهم
فمن لك بالحر الذي يحفظ اليدا
لكننا نذكرهم بالبيت الذي يليه وهو ما لم يترجمه لهم صاحبهم إذ قال المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا