ليس تبخيساً من شأن أحد، وحاشا أن أصف ذاكرة بعض المسؤولين بالمعطوبة.
لو أخذنا الوعود التي قطعت خلال السنوات الماضية والتي تحدد جهوزية بعض المشاريع لأصبنا بخيبة أمل. اطلعتُ على فيلم قصير من إبداعات الشباب: فيحان السبيعي، خالد العاصي، أحمد الغامدي، عبد الرحمن السعد، ولافي الرشيدي، اسمه: “مشاريع متعثرة” ويضرب مثلاً بمستشفى شرق الرياض، ومشروع أنفاق ديراب، ومشروع حدائق الملك عبدالله العالمية، ولا تسألوا عن “مترو” الرياض الموعود من سنواتٍ عديدة، الفيلم كان مميزاً، لأنه يطرح بموضوعية تعثر المشاريع.
يصرح المسؤول ثم ينسى تصريحه، لكن بمثل هذه الإبداعات الشبابية والأفلام القصيرة والزوايا ووسائل الإعلام نوقظ ذاكرة المسؤول، لنضعه أمام مرآة ذاته. الذاكرة القصيرة تجاه التصريحات والمشاريع هي التي قلّصت الأمل، والذين يعلمون جيداً مستوى طموحات الشباب وتطلعهم نحو حلولٍ لأزمات السكن، أو غلاء الأراضي، أو سواها من الطموحات ثم يقارنونها بتهاون المسؤولين يدركون مستوى “برودة الدم” لدى المسؤول المتعثر بإدارته، وتبعاً لتعثره نسي مشاريعه وصارت مجرد حبرٍ على ورق، مع أن الاعتمادات صدرت، لكن كما قال الملك: “هناك مشاريع ما بيّنت! ضائعة”! والدور على مؤسسات الرقابة أن توضّح للناس السبب: لماذا تعثرت المشاريع؟ ومن المسؤول عن التعثر؟ ولماذا ينسى المسؤول تصريحه؟!
أتمنى من “عفاريت الصحافة” أن يحفظوا كل تصريحٍ ضم وعداً، وأن يجدولوا تلك التصريحات إلى حين الحاجة إليها، لتقوم أي جريدةٍ بنشر ذلك التصريح بعد انتهاء المدة. أضرب مثلاً بخبر نشر أول من أمس بـ”الوطن” وجاء فيه: “تبدأ وزارة الإسكان خلال الستة الأشهر المقبلة تنفيذ الوحدات السكنية للمواطنين في مدن ومحافظات المملكة، بعد أن وقعت عقودا مع شركات لإعداد الدراسات والتصاميم. وبحسب حديث عضو اللجنة التشاورية المشتركة بين مسؤولي الغرف التجارية السعودية ووزارة الإسكان عبدالله رضوان فإن الوزارة تلقت العديد من الاقتراحات والتوصيات من مسؤولي الغرف ولجان المقاولات، فيما يتعلق بتطبيق المعايير الإنشائية، والمكونات الاجتماعية للمدن والمحافظات، إضافة إلى الاعتماد على المنشآت الوطنية المتخصصة في المقاولات لتنفيذ تلك المشاريع”!
قال أبو عبدالله غفر الله له: من مشاريع الحدائق إلى الأنفاق إلى مترو الرياض، نحن أمام تصريح عن مشروع الوحدات السكنية، تصريح تلو تصريح، وأخشى ما أخشى أن يكون “النسيان” سيد المشاريع، وبخاصةٍ أن بعضاً ممن يصرح ينسى بسرعة، ويصمت كأن لم يصرّح بالأمس.. ويبقى السؤال قائماً: ما سبب تعثر المشاريع؟! هذا سؤال اجتماعي ملح.