لا أدري عن مبررات استجابة الناس دائماً للمصادر التي تأتي من الخارج، ليس لأن الخارج سيئ أو جيد، بل لأنني أبحث عن مبرر كون الأخبار التي تنشر في صحيفة أجنبية أو غربية تكون مثار اهتمام وتكون حديث العالم!
فلو كانت الجريدة التي تحدثت ـ مثلاً ـ عن القرار الظنّي الذي يتوقع صدوره من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لو كان الخبر منشوراً في جريدة عربية لمرّ مرور الكرام، بل إنه تم اتهام حزب الله باغتيال الحريري عبر صحيفة عربية لكن ذلك الاتهام لم يحرّك ساكناً، وحين نشرت أخبار حول القرار الظني في “دير شبيجل” جعل الخبر يشرّق ويغرّب فقط لأنه منشور في “جريدة أجنبية”!
تلفت نظري أيضاً عبارة “مصادر مطلعة” والتي تغطّي بها بعض الصحف العربية هزالها أحياناً، تغطي الهشاشة الخبرية أو التحليلية، لا أعرف على نحوٍ أكيد من هم الذين يقصدون بـ”مصادر مطلعة” حتى ولو كان التقرير عن الطابور الصباحي يحب بعض الصحفيين أن يتحدثوا عن مصادر مطلعة، أو الذين يعرفون “بواطن الأمور”، بالمقارنة بين المصدر الأجنبي والعربي نعرف المساحة الفاصلة من الخبرة والتمكن في الصحافة والإعلام وهي مساحة تقاس بالأحبار لا بالأشبار.
شاهدتُ مؤخرا أحد التقارير التي تتحدث عن السعودية، ملأ المعد التقرير بالصفحات الإنجليزية من مختلف الصحف ليبهر المشاهد المغلوب على أمره. التقرير ـ الذي بثته قناة عربية ـ كان مليئاً بمصادر غير معروفة، ولا أدري كيف يكون المصدر الذي لا يعرف كنهه هو المعوّل عليه في التقارير والأخبار في الصحافة والإعلام على حدٍ سواء. بطبيعة الحال حينما يرى البعض التقارير المكتوبة في صحف مغمورة يشعر بأن الأخبار كلها صحيحة، ولذلك نسمع أحياناً في النقاش أو الجدل من يقول لنا “هذا خبر مؤكد حتى إن الصحف الغربية كتبت عنه”!
قال أبو عبدالله غفر الله له: إن الجمل التي أدمن الإعلام تكرارها مثل: “مصادر مطلعة، بواطن الأمور، شخص رفض ذكر اسمه، تقرير غربي” كل تلك الجمل تعبر عن أزمة مصداقية بين المتلقي ووسائل الإعلام، بين المشاهد والتلفاز، بين القارئ والجريدة، حتى الصحف العربية باتت حينما تتحدث عن قصة صعبة التصديق تدرج وسط معمعة الخبر كلمة “مصادر غربية” أو “مصادر مطّلعة”!