لم تكن الإمارات بمنأى عن التآمر ومحاولات التخريب. منذ أن قال الشيخ زايد في سنة 1994 عن الإخوان «إنهم أبعد ما يكونون عن الدين ومقاصده ومعانيه»، وصولا إلى المواجهة مع الخلايا التخريبية منذ بدء أحداث الاضطرابات العربية. الإمارات خبيرة بأدبيات وأساليب المتآمرين الذين يعملون في الخفاء، ومع ذلك حين قبضت على الخلايا جعلت السياق القانوني هو الذي يحكم، بحضور الإعلام والصحافة وممثلين عن جمعيات من أميركا وأوروبا. محاكمة عادلة مكتملة الشروط والأركان بالتوصيف القانوني. هذا الضبط للحراك الإخواني ولرموز التآمر والتخريب جاء من خلال العمل المؤسسي، أن تضبط المؤسسة الأمنية ومن ثم تحاكم عبر المؤسسة القضائية، ومن ثم التنفيذ للأحكام بعد النطق بها. في هذه الأيام تنشط الأصوات التي تحاول إعادة تقوية «الإخوان» ومحاولة وضع شوكة لهم في دول خليجية، وذلك بدعم من دولة «شقيقة» للأسف. هذه التنظيمات السرية لا تختلف عن مخططات تنظيم «القاعدة». قبل فترة أجرى تليفزيون أبوظبي حواراً مع القيادي المنشق عن جماعة «الإخوان المسلمين» بالإمارات جمال الحوسني، تحدث فيه عن دهاليز التنظيم المخيفة والمدمرة، وقال: «وأنت تنشأ في التنظيم فإنك لا ترى شيئاً سلبياً، لأن الكتب المتداولة لأحد أفراد الجماعة ويمجد الجماعة ويتكلم عن إيجابياتها ولا يتكلم عن أي سلبيات، فأنت عندما تدخل الجماعة، تدخل بدافع أنك تؤْجر لأنه عمل إسلامي وخيري، فأنت لا تشعر بأنك تدخل تنظيماً له أهداف سيئة أو أنك ستتورط فيها». ثم يلفت هذا القيادي المنشق إلى أن التنظيم في أبوظبي يعتمد بشكل أساسي على ما يسمى بالاتصال الفردي، فلديك أفراد منظمون ولديهم قدرات على كسب الآخرين والحصول على ثقتهم، ولا يشترط لهذا الشخص أن تكون لديه قدرة على التربية، فهو مجرد شخص يستقطب الآخرين إلى الأنشطة، وفي الأنشطة يتواصل من يسمون بالتربويين مع هؤلاء الأشخاص الجدد وتقييمهم وإدراجهم في برامج عامة ثم في أسر لتتم ترقية مستواهم التنظيمي، أي أنهم يربون الأفراد ليكونوا أعضاء في التنظيم! الأهداف سياسية بكل وضوح، أن تدار مكائن التجنيد لضم أكبر عدد ممكن من الأعضاء، من أجل حشدهم عبر «التربية الجهادية» التي تنتهجها جماعة «الإخوان»، وصولا إلى تنفيذ أدبيات الجهاد. ولذلك يكتب القوم كتباً منها كتاب: «التربية الجهادية»، والذي يعتبر مرجعاً في مناشط تلك الجماعات التي تتخذ من نشاطات تبدو بريئة واجهةً لأعمالهم السياسية، والجهاد من أجل هذه السياسة. لأنهم هم المسلمون، وغيرهم ليس كذلك! لم يبق أمام هؤلاء الذين تورطوا بأعمال هي ضمن فلك «الإخوان المسلمين» إلا التوبة والتراجع عن الفكر والعودة إلى حضن الوطن، ونزع البيعة من المرشد العام للجماعة الإرهابية. نموذج تراجع الحوسني نتمنى أن يتكرر لدى قادة في السجن وبعضهم خارج البلاد، أن يتوبوا من هذا الضلال، فلم تعد المرحلة خادمة لـ«الإخوان المسلمين»، بل هي تصنف تباعاً من دول عربية وغربية على أنها إرهابية وتحاسب وتراقب أنشطتها الخطيرة. ويبقى السؤال: هل القضية دين أم تنظيم؟ إن كانت ديناً، فلا يمنعك أحد من الصلاة في المساجد، والتعبد فيها، وعمل الخير، وتعلم العلوم الشرعية، أما إذا كان التنظيم أكبر من الإسلام لديكم، فلا تعودوا لأوطانكم، فقد كان أحد مرشديكم يقول عن مصر… طز في مصر؟!
جميع الحقوق محفوظة 2019